ج ٧، ص : ٢٠٥
(الجزء الحادي والعشرون).
اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ أى القرآن تقربا إلى اللّه بتلاوته وتحفظا لاتعاظه وأحكامه واعتبارا بامثاله واستكشافا لمعانيه فان القاري المتأمل قد ينكشف له بالتكرار ما لا ينكشف له أول مرة حتى يتمثل لاوامره وينتهى عن مناهيه وَأَقِمِ الصَّلاةَ المفروضة إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى هذه الجملة تعليل للامر باقامة الصلاة عَنِ الْفَحْشاءِ أى ما ظهر قبحه شرعا وعقلا وَالْمُنْكَرِ للانتهاء عن المعاصي من حيث انها تذكر اللّه وتورث للنفس خشية قال البغوي روى عن أنس رضى اللّه عنه قال كان فتى من الأنصار يصلى الصلوات الخمس مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم لم يدع شيئا من الفواحش الا ركبه فوصف لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حاله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان صلاته تنهاه يوما فلم يلبث ان تاب وحسن حاله - وفى مسند إسحاق والبزار وابى يعلى عن أبى هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ان فلانا يصلى بالليل فإذا أصبح سرق قال ان صلاته تنهاه. قال البغوي قال ابن عباس رض وابن مسعود فى الصّلوة منتهى ومزدجر عن معاصى فمن لم تأمره صلاته بالمعروف ولم تنهه عن المنكر لم يزدد صلاته من اللّه الا بعدا - وقال الحسن وقتادة من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فصلاته وبال عليه - وقيل المراد بالصلوة القرآن كما فى قوله تعالى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ يعنى بالقران فى الصلاة ولا شك ان القرآن ينهى عن الفحشاء والمنكر - روى البغوي عن جابر قال قال رجل للنبى صلى اللّه عليه وسلم انّ رجلا يقرأ القرآن بالليل كله فإذا أصبح سرق قال ستنهى قراءته - وفى رواية قيل يا رسول اللّه ان فلانا يصلى بالنهار ويسرق باللّيل قال ان صلاته ستردعه وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ قال ابن عطاء ولذكر اللّه اكبر من ان يبقى معصية والمراد بذكر اللّه الصلاة الناهية عن الفحشاء والمنكر.
وانما غير عنها بالذكر