ج ٧، ص : ٢١٥
كائنين فى صورة من أخلص دينه من المؤمنين حيث لا يذكرون الا اللّه ولا يدعون سواه لعلمهم بانه لا يكشف الضر الا اللّه فَلَمَّا نَجَّاهُمْ اللّه إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ أى فاحبؤا المعاودة إلى الشرك عطف على الشرطية السابقة - قال عكرمة كان أهل الجاهلية إذا ركبوا البحر حملوا معهم الأصنام فإذا اشتدت بهم الريح ألقوها فى البحر وقالوا يا رب يا رب وعلى قوله مخلصين له الدين على الحقيقة يعنى كانوا عند الشدائد يخلصون الدين للّه ويتركون الشرك وعند النجاة يعودون إلى الشرك.
لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ هذا لام الأمر ومعناه التهديد والوعيد كقوله تعالى اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ أى ليجحدوا نعمة اللّه فى انجائه إياهم وقيل هى لام كى أى يشركون ليكونوا كافرين بشركهم نعمة الانجاء أو المعنى لا فائدة لهم فى الإشراك الا الكفر والتمتع بما يستمتعون به فى العاجلة من غير نصيب فى الاخرة على خلاف عادة المؤمنين المخلصين فانهم يشكرون نعمة اللّه إذا أنجاهم ويجعلون نعمة النجاة ذريعة إلى ازدياد الطاعة وَلِيَتَمَتَّعُوا قرأ ابن كثير « و خلف - أبو محمد » وحمزة والكسائي وقالون عن نافع بسكون اللام فهو لام الأمر على قراءتهم والباقون بكسر اللام نسقا على قوله ليكفروا وحينئذ يحتمل لام الأمر ولام كى فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ عاقبة ذلك حين يعاقبون.
أَوَلَمْ يَرَوْا الاستفهام للانكار والواو للعطف على محذوف تقديره الم ينظروا ولم يروا أهل مكة أَنَّا جَعَلْنا مكة حَرَماً مصونا عن النهيب والتعدي آمِناً اهله عن القتل والسبي وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ عطف على جملة محذوفة مفهومة عما سبق تقديره انّا جعلنا مكّة حرما آمنا لا يغار ولا يتعرض أهلها وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ - وقد كان العرب يختلسون الناس قتلا وسبيا ولا يتعرضون أهل مكة أَفَبِالْباطِلِ الهمزة للانكار والفاء للتفريع على مضمون ما سبق يعنى أنعم اللّه على أهل مكة هذه النعمة وهم بعد هذه النعمة الظاهرة وغيرها مما لا يقدر عليه الا اللّه سبحانه بالباطل يعنى بالأصنام أو بالشيطان وجاز ان يكون المراد بالباطل كل شىء سوى اللّه لقوله ﷺ الا ان احسن القول قول لبيد الا كلّ شىء ما خلا اللّه باطل يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ حيث أشركوا به غيره وتقديمه للاهتمام أو الاختصاص على طريق