ج ١، ص : ٣٠
ادهشتهم واختلت حواسهم فالكلام على الحقيقة - وان كان ضمير بنورهم راجعا إلى المنافقين فالمعنى انهم لما لم يصيخوا إلى الحق وأبوان ينطقوا به وان يتبصّروا الآيات ويتفكّروا فيه صاروا كانهم انتفت مشاعرهم وقواهم - وإطلاقها عليهم من قبيل التمثيل دون الاستعارة - لأن المستعار له يعنى كلمة هم وان كان محذوفا لفظا لكنه منطوق حكما ففات شرط الاستعارة - والآية نتيجة التمثيل. فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أى هم متحيرون فلا يدرون كيف يرجعون إلى حيث ابتدءوا منه - أو انهم لا يعودون عن الضلالة إلى الهدى الذي ضيعوه.
أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ - أى كاصحاب صيب وهو فيعل من الصوب بمعنى النزول يقال للمطر لنزوله وفيه مبالغة - فان الصوب فرط الانسكاب والصيغة للمبالغة والتنكير للتفخيم - وكلمة أو للتساوى في الشك ثم اتسع فيها فاطلق للتساوى من غير شك يعنى التشبيه بالقصتين سواء - فانت مخير في التشبيه بايتهما شئت - كما قيل أنت مخير في خصال الكفارة - وتعريف السماء للدلالة على ان الغمام مطبق بافاق السماء كلها فان كل أفق منها يسمى سماء وقيل معناه السحاب فان ما علاك سماء - واللام لتعريف الجنس لكن الظواهر دالة على ان المطر من السماء قال اللّه تعالى - وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً - وقال - مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ - وأخرج ابن حبان عن الحسن - انه سئل عن المطر من السماء أم من السحاب قال من السماء انما السحاب علم - وأخرج ابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال - المطر يخرج من تحت العرش فينزل من سماء إلى سماء حتى يجتمع في سماء الدنيا - فيجتمع في موضع يقال له الأثرم فيجىء السحاب السود فيدخله فيشربه فيسوقه اللّه حيث شاء - واخرجا عن عكرمة قال ينزل المطر من السماء السابعة - فِيهِ أى الصيب أو السماء - والسماء يذكر ويؤنث قال اللّه تعالى - السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ - و- انْفَطَرَتْ - ظُلُماتٍ ظلمة تتابع القطر والسحاب والليل - وَرَعْدٌ وهو الصوت الذي يسمع منه - وَبَرْقٌ وهو النار التي تخرج منه وهما مصدران ولذلك لم يجمعا - قال على - وابن عباس واكثر المفسرين الرعد اسم ملك يسوق السحاب والبرق لمعان سوط من نار يزجر به الملك السحاب - وقيل الصوت زجر السحاب وقيل تسبيح الملك - قال مجاهد الرعد اسم الملك ويقال لصوته - وجعل المطر مكانا للرعد والبرق لانهما في منحدره - وارتفاعهما بالظرف - يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ الضمير راجع إلى اصحاب صيب فانه


الصفحة التالية
Icon