ج ٧، ص : ٢٣٢
كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ أى أمثالكم فى الحرية - والاستفهام للانكار يعنى ليس الأمر كذلك وانها معارة لكم مع انهم بشر مثلكم فكيف تجوزون كون الحجارة التي هى أعجز المخلوقات شركاء لخالق الأرض والسموات كَذلِكَ أى تفصيلا مثل ذلك التفصيل نُفَصِّلُ الْآياتِ نبيّنها فان التمثيل ما يكشف المعاني ويوضحها لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ أى يستعملون عقولهم فى تدبر الأمثال وأخرج جويبر مثل ما أخرج الطبراني فى سبب نزول الآية عن داود بن أبى هند عن أبى جعفر محمد بن على عن أبيه عليهم السّلام.
بَلِ اتَّبَعَ إضراب من مضمون الكلام السابق يعنى ليس اللّه شريك بل اتبع الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بتعريضها للعذاب بالاشراك باللّه أَهْواءَهُمْ فى الشرك بِغَيْرِ عِلْمٍ حال من فاعل اتبعوا يعنى جاهلين بما يجب عليهم فَمَنْ يَهْدِي أى إياه الفاء للسببية والاستفهام للانكار إذا اتبعوا أهواءهم ولم يقبلوا هدى اللّه فلا أحد يهديهم وضع المظهر يعنى قوله مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ موضع الضمير اشعارا بان اللّه أضلهم فمن يقدر على هدايته وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ يخلصونهم عن آفاتها.
فَأَقِمْ الفاء للسببية يعنى لما ثبت وحدانيته تعالى وظهر ان المشركين انما اتبعوا أهواءهم جاهلين فاقم أنت وَجْهَكَ أى أخلص بوجهك لِلدِّينِ أى للاسلام حَنِيفاً مائلا إليه مستقيما عليه غير ملتفت عنه إلى غيره فِطْرَتَ اللَّهِ منصوب على الإغراء أى الزموا فطرة اللّه أى خلقته والمراد به دينه يعنى الإسلام كذا قال ابن عباس رض وجماعة من المفسرين فالاية خطاب للنبى صلى اللّه عليه وسلم ولامته بتبعيته فالاية بمنزلة التأكيد أو التفسير لما قبله سماه فطرة لكونه لازما لكل مخلوق كما يدل عليه قوله الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها خلقهم مستعدين لها متمكنين على إدراكها وقيل المراد به العهد المأخوذ من آدم وذريته بقوله أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قالوا كل مولود فى العالم مولود على ذلك الإقرار وهو الحنيفة التي وقعت الخلفة عليها وقد مرّ ما ورد فى هذا الباب فى تفسير هذه الآية فى سورة الأعراف عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما من مولود الا يولد على الفطرة فابواه يهود انه أو ينصرانه أو يمحبسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاع هل تحسون فيها من جدعاء ثم قرأ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ متفق عليه يعنى كل مولود يولد فى مبدا الخلقة على الجبلة السليمة والطبع المهيا لقبول الحق فلو ترك عليها لاستمر على


الصفحة التالية
Icon