ج ٧، ص : ٢٤٠
وأخرج الشيخان عن عائشة وعن أبى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال سددوا وقاربوا وابشروا فانه لا يدخل الجنة أحدا عمله قالوا ولا أنت يا رسول اللّه قال ولا انا الا ان يتغمدنى اللّه بمغفرته ورحمته - وعند مسلم عن جابر نحوه وقد ورد هذا أيضا من حديث أبى سعيد أخرجه أحمد ومن حديث ابن أبى موسى وشريك بن طارق أخرجهما البزار ومن حديث شريك بن طريف واسامة بن شريك واسد بن كرز أخرجها الطبراني.
وهاهنا إشكالان أحدهما انه لا يبقى حينئذ فائدة فى الطاعة وترك المعصية فان اللّه تعالى لو لم يتفضل عذّب أهل الطاعة ولو تفضل غفر أهل المعصية وادخل الجنة وثانيهما انه معارض لقوله تعالى ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فانه يدل على ان دخول الجنة مسبب بالأعمال - والجواب عن الأول ان الطاعة يقتضى محبة اللّه عبده حيث قال اللّه تعالى إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حكاية عن اللّه سبحانه ما يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحببته رواه البخاري عن أبى هريرة فى حديث طويل والمحبة يقتضى التفضل والتفضل سبب لجلب كل خير ودفع كل ضرر وعن الثاني بان للجنة منازل تنال فيها بالأعمال فان درجات الجنة متفاوتة بحسب تفاوت الأعمال واما اصل دخولها والخلود فيها فبفضل اللّه ورحمته يؤيده ما أخرجه هناد فى الزهد عن ابن مسعود قال تجوزون الصراط بعفو اللّه وتدخلون الجنة برحمة اللّه وتقسمون المنازل بأعمالكم وأخرج أبو نعيم عن عون بن عبد اللّه مثله واللّه اعلم..
وَمِنْ آياتِهِ دلائل قدرته أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ من الشمال إلى الجنوب وبالعكس ومن المشرق إلى المغرب وبالعكس على حسب إرادته من غير محرك كما يشهد به الحس قرأ حمزة « ١ » والكسائي الرّيح على ارادة الجنس مُبَشِّراتٍ بالمطر حال من الرياح وَلِيُذِيقَكُمْ المذوقات من الحبوب والثمار وغيرها معطوف على معنى مبشرات كانّه قال ليبشركم وليذيقكم أو على محذوف تقديره يرسل
_________
(١) هذا وهم لانهم جمعوا على قراءته بالجمع والمختلف فيه الرّيح فتثير والذي وقع بعد هذا فقرأه بالتوحيد ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف - أبو محمد عفاء اللّه عنه -