ج ٧، ص : ٢٥٧
والنوافل وكسب الأموال فوق الحاجة ونحو ذلك والظاهر عندى انه لا يجب ذلك لأن اللّه سبحانه امر باتباع سبيل من أناب إليه وإكثار النوافل وترك ما لا يعنيه وترك الدنيا والتبتل إلى اللّه سبيل المنيبين لا محالة - ولا شك ان الصحابة رضوان اللّه عليهم تركوا الأوطان وهاجروا وبذلوا أنفسهم وأموالهم على خلاف مرضاة ابائهم وأمهاتهم وقد قال اللّه تعالى قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ فكيف يجوز ترك المجاهدة فى سبيل اللّه مع النفس والشيطان لابتغاء مرضاة الآباء والأمهات - أخرج الحاكم عن عامر بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه قال قال أبو قحافة لابى بكر أراك يعتق رقابا ضعافا فلو انك اعتقت رجالا اجلد يمنعونك ويقومون دونك فقال يا أبت انما أريد ما عند اللّه فنزلت وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى حين أعتق بلالا وعامر بن فهير وأم عميس وزبيرة ونحوهم - وهاجر أبو بكر مع اربعة آلاف درهم مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولم يترك لاهله شيئا على خلاف مرضاة أبيه كما ذكرنا فى قصة هجرة النبي صلى اللّه عليه وسلم فى سورة التوبة فى تفسير قوله تعالى إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ...
ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ أى مرجعك ومرجعهما فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥) فاجازيك على إسلامك واجازيهما على كفرهما هذان الآيتان معترضتان فى أثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهى عن الشرك كأنَّه قال ووصينا بمثل ما وصى لقمان وذكر الوالدين للمبالغة فى ذلك فانهما مع كونهما تلوا الباري فى استحقاق التعظيم والطاعة لا يجوز ان يستحقا الطاعة فى الإشراك فما ظنك بغيرهما.
يا بُنَيَّ قرأ حفص بفتح الياء والباقون بكسرها إِنَّها أى الخصلة من الاساءة أو الإحسان وقال قتادة الضمير راجع إلى الخطيئة وذلك ان ابن لقمان قال لابيه يا أبت ان عملت الخطيئة حيث لا يرانى أحد كيف يعلمها اللّه فقال انها إِنْ تَكُ فى الصغر مثلا مِثْقالَ وزن حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ اسم تك ضمير مستتر وخبره مثقال على قراءة الجمهور بالنصب وقرأ نافع « و أبو جعفر - أبو محمد » مثقال بالرفع على انه اسم تك وهى تامة وتأنيث الفعل


الصفحة التالية
Icon