ج ٧، ص : ٢٦٣
شمول انعامه والباء للصلة أو للحال لِيُرِيَكُمْ اللّه مِنْ آياتِهِ أى بعض دلائل قدرته من عجائب البحر الذي أدركتموه إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) يعنى صبار على المشاق فيتعب نفسه بالتفكر فى الآفاق والأنفس ويعرف النعم ويشكر عليها مانحها - أو المراد لايات للمؤمنين قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الايمان نصفان فنصف فى الصبر ونصف فى الشكر - رواه البيهقي فى شعب الايمان عن أنس يعنى يشكر فى السراء ويصبر فى الضراء.
وَإِذا غَشِيَهُمْ أى علاهم وغطاهم الظرف متعلق يدعوا اللّه فيه معنى الشرط والجزاء والجملة معطوفة على تجرى فى البحر خبر لانّ وضمير غشيهم راجع إلى أهل الفلك رابط بين الاسم والخبر مَوْجٌ فى البحر كَالظُّلَلِ جمع الظلة شبّه بها الموج يأتى منه شىء بعد شىء قال مقاتل كالجبال وقال الكلبي كالسحاب دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ بان ينجيهم ولا يدعون غيره لما تقرر فى الأذهان انه لا كاشف لضر الا اللّه سبحانه ويزول بما غلبهم من الخوف الشديد ما ينازع الفطرة السليمة من الهوى والتقليد فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ متعلق بنجاهم بتضمين معنى أوصلهم وجملة فلمّا نجّاهم معطوفة على إذا غشيهم فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ قيل هو جواب لمّا والظاهر ان جواب لمّا محذوف وهذا دليل عليه تقديره فلمّا نجاهم إلى البرّ اختلفوا فمنهم شاكر لنعمة اللّه ومنهم كافر ومنهم مقتصد يعنى متوسط فى الكفر لانزجاره بعض الانزجار وكان بعض الكفار أشدّ افتراء وأشد قولا من بعض فذكر المقتصد لدلالته على جانبه كذا قال الكلبي معنى المقتصد وقال أكثرهم معنى المقتصد المقيم على الطريق القصد الذي هو التوحيد لما قيل ان الآية نزلت فى عكرمة بن أبى جهل هرب عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف فقال عكرمة لأن أنجانا اللّه من هذه لارجعن إلى محمد ولاضعن يدى فى يده فسكنت الرياح فرجع إلى مكة والنبي صلى اللّه عليه وسلم ثمه واسلم وحسن إسلامه والتقدير على هذا فمنهم مقتصد ومنهم كافر يدل عليه قوله وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا المنزلة أى بحقيقتها أو بدلائل قدرتنا ومنها الانجاء من الموج إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ أى غدار فانه نقض العهد الفطري أو العهد الذي عاهد فى الشدة والختر أسوأ الغدر كَفُورٍ (٣٢) للنعم.
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ أى احذروا عذابه وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي أى لا يغنى والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ الراجع إلى


الصفحة التالية
Icon