ج ٧، ص : ٢٦٩
خالصا كما يرتضيه الا فى مدة متطاولة لقلة المخلصين فى الأعمال.
ذلِكَ المدبر الخالق للسموات والأرض وما بينهما مبتدا خبره عالِمُ الْغَيْبِ أى ما غاب عن الخلق وَالشَّهادَةِ أى ما حضر عندهم فيدبر الأمور على وفق الحكمة الْعَزِيزُ الغالب على امره الرَّحِيمُ (٦) على العباد فى تدبيره وفيه ايماء بانه يراعى المصالح تفضلا وإحسانا صفتان لعالم الغيب والشهادة أو خبر ثان وثالث لذلك.
الَّذِي أَحْسَنَ الموصول مع الصلة صفة بعد الصفتين المذكورتين أو خبر رابع لذلك كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ « و أبو جعفر ويعقوب - أبو محمد » قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بسكون اللام فهو بدل اشتمال من كلّ شىء يعنى احسن خلق كل شىء موافرا عليه ما يستعده ويليق به على وفق الحكمة كذا قال قتادة وقال ابن عباس أتقنه وأحكمه أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فى قوله أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ قال اما ان است القردة ليست بحسنة ولكنه احكم خلقها وقال مقاتل أى علم كيف يخلق كل شىء من قولك فلان يحسن كذا إذا كان يعلم - وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على صيغة الماضي على انه صفة لشئ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ يعنى آدم عليه السلام مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ سميت به لانها تنسل منه أى تنفصل مِنْ سُلالَةٍ أى نطفة سميت سلالة لانها تسل من الإنسان مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ضعيف بدل من سلالة أو بيان له.
ثُمَّ سَوَّاهُ أى الإنسان قوّمه بتصوير أعضائه على ما ينبغى وَنَفَخَ فِيهِ أى فى الإنسان مِنْ رُوحِهِ الضمير اما راجع إلى الإنسان أو إلى الذي احسن خلق كلّ شىء تشريفا وإظهارا بانه خلق عجيب له شأن عظيم ممكن له نسبة بما لا مثل له ولا كيف وَجَعَلَ لَكُمُ التفات من الغيبة إلى الخطاب السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا بعد ما كنتم نطفا بغير سمع وبصر وتعقّل قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (٩) ما زائدة مؤكدة للقلة أى شكرا قليلا أو فى زمان قليل تشكرون رب هذه النعم فتوحدونه وتعبدونه.
وَقالُوا أى منكرى البعث عطف على جعل لكم السّمع وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أى غبنا فيها يعنى صرنا ترابا مخلوطا بتراب الأرض بحيث لا يتميز بينهما وأصله من قولهم ضل الماء فى اللبن إذا اختلط به وغاب فيه قرأ ابن عامر « و أبو جعفر - أبو محمد ٣ » إذا بهمزة واحدة على الخبر والعامل فيه ما دل عليه أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ