ج ٧، ص : ٣١٠
اى لكم برسول اللّه اقتداء حسن أى تنصرون دين اللّه كما هو ينصر وتصبرون على ما يصيبكم كما هو يصبر كما فعل هو إذ كسرت رباعيته وجرح وجهه وقتل عمه وأوذي بضروب الأذى فواساكم مع ذلك بنفسه فافعلوا أنتم أيضا كذلك واستنوا بسنته لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ أى يرجوا ثواب اللّه ولقائه ونعيم الاخرة كذا قال ابن عباس أو ايام اللّه واليوم الاخر خصوصا وهذا كقولك أرجو زيدا وفضله وقال مقاتل أى يخشى اللّه ويخشى يوم البعث الذي فيه جزاء الأعمال وقوله لِمَنْ كانَ صلة لحسنة أو صفة لها وقيل بدل من لكم والأكثر على ان الضمير المخاطب لا يبدل منه وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (٢١) فى السراء والضراء قرن بالرجاء كثرة الذكر المودي إلى دوام الطاعة فان المؤسى بالرسول من كان كذلك..
وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ بقوله تعالى فى سورة البقرة أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ إلى قوله أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ فان الآية يتضمن ان المؤمنين يلحقهم مثل ذلك البلاء ولعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخبرهم بوقعة الأحزاب قبل وقوعه وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فيما أخبر به وَما زادَهُمْ تحزب الأحزاب إِلَّا إِيماناً أى تصديقا بما جاء به الرسول عليه السّلام وَتَسْلِيماً (٢٢) لامره وقدره.
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ أى قاموا بما عاهدوا رسول اللّه من الثبات معه فى القتال مع اعداء الدين من صدقنى إذا قال لك الصدق فان العاهد إذا وفى بعهده فقد صدق فيه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ أى فرغ من نذره ووفى بعهده فلم يبق فى ذمته شىء ما عاهده يعنى صبر على الجهاد والطاعة حتى استشهد أو مات والنحب النذر والنحب أيضا الموت يقال قضى نحبه أى اجله فقتل على الوفاء يعنى حمزة وأشباهه وقيل قضى نحبه أى بذل جهده فى الوفاء بالعهد من قول العرب نحب فلان فى مسيرة يومه وليلته اجمع وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ الفراغ من نذره يرجو ان يموت على الوفاء وَما بَدَّلُوا العهد ولا غيروه تَبْدِيلًا (٢٣) شيئا من التبديل روى الشيخان والترمذي وابن أبى شيبة والطيالسي وابن سعد والبغوي عن أنس بن مالك ان أنس بن النضر عم أنس بن مالك غاب عن بدر فشق عليه