ج ٧، ص : ٣٤٨
اللّه عنهم ما نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اية هى أشد من هذه الآية وروى عن مسروق قال قالت عائشة لو كتم النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئا مما اوحى إليه لكتم وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ - قال البغوي لم يرد اللّه بهذه الآية انه صلى اللّه عليه وسلم لم يكن يخشى اللّه فانه صلى اللّه عليه وسلم قال انى أخشاكم وأتقاكم - قلت وقد قال اللّه تعالى فى شأن الأنبياء كلهم يَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ولكنه لما ذكر الخشية من الناس ذكر ان اللّه أحق بالخشية فى عموم الأحوال وفى جميع الأشياء قلت فمعنى الآية انك تخشى لائمة الناس وتخشى اللّه أشد خشية من خشية الناس فان اللّه أحق ان تخشاه فمن أجل خشية الناس والحياء منهم أخفيت ما أضمرت ومن أجل خشية اللّه أمرت بالمعروف ولم تترك شيئا مما أمرك اللّه به ولا منافاة بينهما ومعنى قوله تعالى لا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ انهم لا يخشون أحدا فيما يفضى خشيتهم ترك امتثال امر اللّه تعالى واما خشية الناس حياء فيما عدا ذلك فحسن فان الحياء من الايمان متفق عليه مرفوعا من حديث ابن عمر وفى الصحيحين عن عمران بن حصين قوله صلى اللّه عليه وسلم الحياء خير كله - وعن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ان الحياء والايمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الاخر - وفى رواية ابن عباس فإذا سلب أحدهما تبعه الاخر - رواه البيهقي فى شعب الايمان وروى مالك عن زيد بن طلحة مرسلا وابن ماجة والبيهقي فى شعب الايمان عن أنس وابن عباس انه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء واللّه اعلم - وأخرج مسلم واحمد والنسائي وأبو يعلى وابن أبى حاتم والطبراني وابن مردوية وذكره البغوي وهذا لفظ البغوي عن أنس انه
قال لمّا انقضت عدة زينب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لزيد اذهب فاذكرها علىّ فانطلق زيد حتى أتاها وهى تخمّر عجينها قال زيد فلمّا رايتها عظمت فى صدرى حتى ما أستطيع ان انظر إليها حين علمت ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذكرها فوليتها ظهرى ونكصت على عقبى فقلت يا زينب أرسلني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بذكرك قالت ما انا بصانعة حتى أو امر ربى فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً
التفسير المظهري، ج ٧، ص : ٣٤٩
الاية وجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ودخل عليها بغير اذن فقال لقد رايتنا ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم حتى امتد النهار فخرج الناس وبقي رجلان يتحدثون فى البيت بعد الطعام فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاتبعته فجعل يتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويسلمن عليه ويقلن يا رسول اللّه كيف وجدت أهلك فقال ما أدرى انا أخبرت ان القوم قد خرجوا أو أخبروني فانطلق حتى دخل البيت قال أنس فذهبت ادخل معه فالقى السّتر بينى وبينه ونزل الحجاب - قوله تعالى فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها أى من اهله وهى زينب بنت جحش وطرا أى حاجة بحيث ملّها ولم يبق له فيها حاجة وطلقها وانقضت عدتها قيل قضاء الوطر كناية عن الطلاق زَوَّجْناكَها أى جعلنها زوجتك روى البخاري واحمد والترمذي والحاكم وابن مردوية وعبد بن حميد والبيهقي فى سننه عن أنس انه قال كانت زينب تفخر على ازواج النبي صلى اللّه عليه وسلم وتقول زوجكن اهاليكن وزوجنى اللّه من فوق سبع سماوات وفى لفظ ان اللّه تولّى نكاحى وانتنّ زوجكن اولياؤكن قال البغوي قال الشعبي كانت زينب تقول للنبى صلى اللّه عليه وسلم انى لادل عليك بثلاث ما من نسائك امراة تدل بهن جدى وجدك واحد وانى أنكحنيك اللّه فى السماء وان السفير لجبرئيل عليه السّلام وعن أنس قال ما أولم النبي ما أولم بزينب أولم بشاة وعن أنس قال أولم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين ابتنى بزينب بنت جحش فاشبع المسلمين خبزا ولحما لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ أى ضيق بالتحريم فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ جمع دعىّ وهو المتبنى يعنى زوجناك زينب امرأة زيد الذي تبنيته ليعلم ان زوجة المتبنى حلال وان كان قد دخل بها المتبنى بخلاف امراة ابن الصلب فانها لا تحل للاب - وفيه دليل على ان حكم الرسول وحكم الامة واحد ما لم يقم دليل على تخصيص الحكم بالنبي صلى اللّه
عليه وسلم إِذا قَضَوْا أى الأدعياء مِنْهُنَّ أى من أزواجهم وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ أى قضاؤه مَفْعُولًا (٢٧) مكونا لا محالة كما كان تزويج زينب.
ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ متعلق بمضمون من حرج لا من لفظه لأن معمول المجرور لا يتقدم على الجار


الصفحة التالية
Icon