ج ٨، ص : ٢٧
سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبرئيل فيكلم اللّه وحيه بما أراد ثم يمر جبرئيل على الملائكة كلما مرّ بسماء ساله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبرئيل فيقول جبرئيل قال الحقّ وهو العلىّ الكبير قال فيقولون كلهم مثل ما قال جبرئيل فينتهى جبرئيل بالوحى حيث امر اللّه. والظرف يعنى إذا فزّع عن قلوبهم متعلق بقوله قالُوا يعنى قال بعضهم لبعض حين ينكشف عنهم الفزع اللاحق بهم بالاذن فى الشفاعة ما ذا قالَ رَبُّكُمْ فى الشفاعة قالُوا أى بعضهم لبعض الْحَقَّ مقول لقال المقدر يعنى قال ربنا الحقّ وهو الاذن فى الشفاعة التي هو الحق يعنى لمن هو أهلها وهم المؤمنون وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٢٢) أى ذو العلو والكبرياء لا يستطيع ملك مقرب ولا نبى مرسل ان يتكلم فيه الا باذنه.
قال البغوي قال بعضهم انما يفزعون حذرا من قيام الساعة قال مقاتل والكلبي والسدى كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى اللّه عليه وسلم خمس مائة وخمسين سنة وقيل ست مائة سنة لم يسمع الملائكة فيها وحيا فلمّا بعث محمد صلى اللّه عليه وسلم بالرسالة وسمع الملائكة ظنوا انها الساعة لأن محمدا صلى اللّه عليه وسلم عند أهل السماوات من اشراط الساعة فصعقوا ممّا سمعوا خوفا من قيام الساعة فلما انحدر جبرئيل يعنى فى بدء الوحى جعل يمر باهل كل سماء فيكشف عنهم فيرتفعون رءوسهم ويقول بعضهم لبعض ما ذا قال ربّكم قالوا الحقّ يعنون الوحى وهو العلىّ الكبير فان قيل على ما قال مقاتل وأمثاله كيف يرتبط قوله تعالى حتّى إذا فزّع عن قلوبهم بما سبق من الكلام قلت لعل وجه ارتباطه انه متصل بقوله تعالى ويرى الّذين أوتوا العلم الّذى انزل إليك من ربّك هو الحقّ ويهدى إلى صراط العزيز « ١ » الحميد والمراد بالذين أوتوا العلم الملائكة وما بينهما اعتراض والمعنى ويرى الملائكة ما انزل إليك من ربك من القرآن هو الحق ولذلك افزعوا عند نزوله خوفا من قيام الساعة حيث كان نزوله عندهم من اشراط الساعة حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العلىّ الكبير -
_________
(١) وفى الأصل إلى صراط مستقيم.