ج ٨، ص : ٤٤
لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) متعلق بيدعو تقرير لعداوته وبيان لغرضه ثم بين حال موافقيه ومخالفيه فقال.
الَّذِينَ كَفَرُوا باللّه واتبعوا الشيطان لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا باللّه وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وخالفوا الشيطان لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧).
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ أى راى عمله السيئ حَسَناً معطوف على زين تقرير له يعنى من زين له قبح عمله يعنى خذله اللّه حتى غلب همه وهواه على عقله واختل رأيه ووسوس له الشيطان فراى السيئ حسنا والباطل حقّا كمن لم يزين له وهداه اللّه إلى الحق ولم يجد الشيطان إليه سبيلا حتى عرف الحق من الباطل واستحسن الأعمال واستقبحها على ما هى عليه فحذف الجواب لدلالة قوله فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ الهمزة فى أفمن زيّن للانكار والفاء للعطف على المحذوف تقديره أتطمع ان تهتدى كل رجل فيكون المخذول من اللّه والمهدى سواء لا تطمع ذلك فانّ اللّه يضلّ من يشآء ويهدى من يشاء فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ يعنى لا تهلك نفسك عَلَيْهِمْ أى على ضلالهم حَسَراتٍ منصوب على العلية أى للحسرات على غيّهم وضلالهم والحسرة شدّة الحزن على ما فات من الأمر وجمع الحسرات للدلالة على تضاعف اغتمامه على أحوالهم أو كثرة مساوى أفعالهم المقتضية للتاسف وعليهم ليس صلة لها لأن صلة المصدر لا تتقدمه بل صلة تذهب أو بيان للمتحسر عليه وقيل تقدير الكلام ا تغتم بكفرهم فمن زيّن له سوء عمله فاضله اللّه تذهب نفسك عليهم حسرة يعنى لا تغتم فلا تذهب عليهم حسرات فقوله تعالى فلا تذهب تدل على الجواب المحذوف وقوله تعالى فانّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدى من يشاء معترضة فى مقام التعليل قال الحسين « ١ » بن الفضل فيه تقديم وتأخير مجازه ا فمن زيّن له سوء عمله فراه حسنا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فانّ اللّه يضلّ من يشاء ويهدى من يشاء - قال البغوي قال ابن عباس نزلت الآية فى أبى جهل ومشركى مكة وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن
_________
(١) وفى البغوي الحسن بن الفضل. مصحح


الصفحة التالية
Icon