ج ٨، ص : ٧٩
كثير بفتح الياء والباقون بإسكانها آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ الذي خلقكم أيها القوم أو أيها الملك فَاسْمَعُونِ (٢٥) أى فاسمعوا إيماني فعلى هذا هذه الآية من تتمة النصح فان القوم إذا قيل لهم اتّبعوا المرسلين كانّهم قالوا هل امنت أنت بهم فقال انى امنت بربّكم فاسمعوا إيماني ولو لم يكن هذا خيرا ما استأثرت به لنفسه وأضاف الرب إلى المخاطبين ولم يقل امنت بربي ليكون ادعى لهم إلى الايمان.
قال البغوي فلمّا قال ذلك وثب القوم وثبة رجل واحد فقتلوه « ١ » قال ابن مسعود وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره وقال السدىّ كانوا يرمونه بالحجارة وهو يقول اللهم اهد قومى حتى قطعوه وقتلوه وقال الحسن خرقوا خرقا فى حلقه فعلقوه من سور المدينة وقبره بانطاكية فادخله اللّه الجنة وهو حى فيها يرزق يعنى حيوة الشهداء وقيل الخطاب للرسل فانه لمّا راى انه يقتل استشهد الرسل على إيمانه قبل ان يموت والتقدير فقال للرسل انّى امنت.
قِيلَ يعنى قال اللّه تعالى لحبيب النجار رضى اللّه عنه لمّا استشهد إكراما واذنا فى دخول الجنة كسائر الشهداء ادْخُلِ الْجَنَّةَ وقيل قال اللّه تعالى ذلك له قبل موته يعنى ادخل قبرك الذي هو روضة من رياض الجنة وانما لم يقل وقيل له لأن الغرض بيان المقول دون المقول له فانه معلوم والكلام فيه والجملة مستانفة فى حيز الجواب عن السؤال عن حاله عند لقاء ربه بعد تصلبه فى نصر دينه واللّه اعلم ولما افضى حبيب إلى الجنة قالَ يا رب لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧) ما موصولة أو مصدرية والباء متعلق بيعلمون أى يعلمون بالذي غفر لى ربى به أو بغفران ربى إياي أو استفهامية والباء متعلق بغفر أى باىّ شىء غفر لى يريد به الايمان والمصابرة على إيذاء الكافرين.
_________
(١) روى انه قدم عروة بن مسعود الثقفي على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاسلم ثم استاذن ليرجع إلى قومه فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انهم قاتلوك قال لو وجدوني نائما ما ايقفونى فرجع إليهم فدعاهم إلى الإسلام فعصوه واسمعوه من الأذى فلمّا طلع الفجر قام على غرفة فاذّن بالصلوة وتشهد فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين بلغه قتله مثل عروة مثل صاحب يس دعا قومه إلى اللّه فقتلوه » منه نور اللّه؟؟؟