ج ٨، ص : ٨٩
ابدا حتى يموتون أو تأتيهم السّاعة بغتة وهم لا يشعرون فانهم لمّا لم ينتهوا عمّا نهوا عنه قبل ذلك فكانّهم ينتظرون لاجل ترك المعاصي صيحة الصعق تَأْخُذُهُمْ صفة لصيحة واحدة والضمير راجع إلى الناس المفهوم مما سبق وكذا كل ضمير بعده وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (٤٩) حال من الضمير المنصوب فى تأخذهم أى يختصمون فى امور الدنيا من متاجرهم ومعاملاتهم لا يخطر ببالهم شىء من إتيانها - أصله يختصمون فسكنت التاء وأدغمت ثم كسرت الخاء لالتقاء الساكنين على قراءة عاصم وابن ذكوان والكسائي « و يعقوب وخلف - أبو محمد » وقرأ ابن كثير وورش وهشام ويعقوب « لا بل هو مع عاصم ومن معه أبو محمد » بفتح الخاء بنقل حركت التاء إلى الخاء والإدغام وقرأ قالون وأبو عمرو باختلاس فتحة الخاء وتشديد الصاد وقرأ قالون أيضا وأبو جعفر بإسكان الخاء « مع تشديد الصاد - أبو محمد » كانهما جوّزا التقاء الساكنين إذا كان الثاني مدغما. أخرج الشيخان فى الصحيحين عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لتقومنّ « قرأ حمزة بإسكان الخاء وتخفيف الصاد - أبو محمد » الساعة وقد نشر الرجلان ثوبا بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومنّ الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها وأخرج الفريابي عنه فى هذه الآية قال تقوم الساعة والناس فى أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثياب ويحلبون اللقاح وفى حوائجهم.
فَلا يَسْتَطِيعُونَ عطف على تأخذهم ورابط الموصوف محذوف تقديره فلا يستطيعون بعدها والفاء للسببية تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (٥١) وأخرج عبد اللّه بن أحمد فى زوائد الزهد عن الزبير بن العوام قال ان الساعة تقوم والرجل يذرع الثوب والرجل يحلب الناقة ثم قرأ فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون يعنى لا يقدرون على ان يوصوا فى شىء من أمورهم ولا ان يرجعوا إلى أهلهم فيروا حالهم بل يموتون حيث يسمعون الصيحة -.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ أى ينفخ ذكر صيغة الماضي لتيقن وقوعه عطف على مضمون فلا يستطيعون يعنى يموتون من ساعتهم وينفخ فى الصور مرة ثانية وبين النفختين أربعون سنة كذا روى ابن أبى حاتم عن ابن عباس وفى الصحيحين عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة أربعون يوما قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت قالوا أربعون عاما قال أبيت الحديث. وروى ابن أبى داود