ج ٨، ص : ١٠٧
فان رجم الشيطان ليس الا من السماء الدنيا ولا سبيل للشياطين فوق سماء الدنيا والقول بان الشهاب تخرج من الكواكب الثابتة فى السماء الثامنة نافذة من السماوات السبع إلى سارق السمع من الشياطين يأباه العقل والنقل واللّه اعلم.
لا يَسَّمَّعُونَ قرأ حفص وحمزة والكسائي « و خلف - أبو محمد » بتشديد السين والميم أصله يتسمّعون فادغمت التاء فى السين والمعنى يطلبون السماع وفيه مبالغة فى نفى السماع والباقون بسكون السين وتخفيف الميم من المجرد - وهذا كلام مبتدا لبيان حالهم بعد ما حفظ السماء عنهم ولا يجوز جعله صفة لكلّ شيطان فانه يقتضى حفظها من الشياطين الذين لا يسمعون ولا علة للحفظ على حذف اللام كما فى جئتك ان تكرمنى ثم حذف ان واهدار عملها فان اجتماع ذلك منكر إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى متعلق بلا يسمعون بتضمين معنى الاصفاء مبالغة لنفيه وتهويلا لما يمنعهم عنه والمراد بالملا الأعلى الملائكة أو اشرافهم مدبرات الأمور وَيُقْذَفُونَ أى يرمون عطف على لا يسمعون مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) أى من آفاق سماء الدنيا بالشهب إذا قصدوا المكث والإصغاء.
دُحُوراً مصدر بمعنى الطرد منصوب على المصدرية لأن القذف والدحور متقاربان أو على الحال بمعنى مدحورين أو بنزع الخافض أى بدحور وهو ما يطرد به وَلَهُمْ عَذابٌ اخر واصِبٌ (٩) أى دائم أو شديد وهو عذاب الاخرة وقال مقاتل لهم عذاب فى الدنيا دائم إلى النفخة الاولى يحرقون.
إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ استثناء من فاعل لا يسمعون وبدل منه وقيل استثناء منقطع والخطفة الاختلاس يعنى من اختلس كلمة من كلام الملائكة مسارقة ولذلك عرّف الخطفة فَأَتْبَعَهُ اتبع بمعنى تبعه أى لحقه شِهابٌ ثاقِبٌ (١٠) وهو ما يرى كانّ كوكبا انقض وهو شعلة تخرج من كوكب لرجم مسترقى السمع من الشياطين.
وليس كما قالت الفلاسفة انه بخار يصعد إلى الأثير ويشتعل فان هذا قول باطل مبنى على الظن والتخمين وانّ الظّنّ لا يغنى من الحقّ شيئا وهذا كقولهم فى المطر انه بخار يصعد من الأرض ويصل إلى الطبقة الزمهريرية من الهواء فيجمد ويكون غماما ثم يصل إليه الحرارة من الشمس فيذوب ويقطر ماء وهذه الأقوال الباطلة التي لا دليل عليها يأباه