ج ٨، ص : ١١٠
مثله انه عجب قال اللّه تعالى أكان للنّاس عجبا ان أوحينا إلى رجل منهم وكثيرا يستعمل العجب فيما يراه الرجل حسنا غاية الحسن يقال أعجبني كذا ومنه قوله تعالى ومن النّاس من يعجبك قوله وقوله عليه السلام عجب ربكم من شابّ ليست له صبوة وقوله صلى اللّه عليه وسلم عجب ربكم من الكم وقنوطكم وقد يستعمل فيما يراه قبيحا غاية القبح يقال عجبت من بخلك وشرهك وقال الشاعر شيئان عجيبان هما أبرد من يخ شيخ يتصبى وصبى يتشيخ - وفيما يراه كثيرا غاية الكثرة يقال ما أكرمه وما أطفاه وما أشد استخراجه وما أجهله وما اشر بياضه فالمعنى ان هذا الشيء بهذا الحسن أو بهذا القبح أو بهذا الكرام أو الجهل أو البياض لم يعهد مثله - وقيل هى حالة يعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء وبناء على ذلك قالوا لا يصح على اللّه العجب لاحاطة علمه بكل شىء وقيل هى حالة يعترى للانسان عند استعظامه الشيء والصحيح ان مال هذين التفسيرين إلى ما ذكرنا لأن الإنسان يستعظم ما لم يعهد مثله وكذا ما يجهل بسببه يراه غير معهود مثله فلا حاجة إلى الصرف عن الظاهر فى قراءة حمزة والكسائي « و خلف - أبو محمد » عجبت بضم التاء على صيغة المتكلم رنال البيضاوي العجب من اللّه اما على الفرض والتخييل أو على معنى الاستعظام اللازم وقيل انه مقدر بالقول يعنى قل يا محمد بل عجبت وقال البغوي والعجب من اللّه إنكاره وتعظيمه والعجب من اللّه قد يكون بمعنى الإنكار والذم كما فى هذه الآية وقد يكون بمعنى الاستحسان كما فى الحديث عجب ربكم من شابّ ليست له صبوة - وسئل جنيد عن هذه الآية فقال ان اللّه ما يعجب من شىء ولكن اللّه وافق رسوله فقال وان تعجب فعجب قولهم أى هو كما تقوله - وقرأ الجمهور على صيغة المخاطب بفتح التاء يعنى عجبت أنت يا محمد من تكذيبهم إياك مع اعترافهم بكونك أمينا صدوقا وشهادة المعجزات على صدقك وكون القرآن
معجزا أو عجبت من انكارهم قدرة اللّه على البعث مع ظهور قدرته تعالى على كل شىء فان هذا الأمر لم يعهد مثله قال قتادة عجب نبى اللّه صلى اللّه عليه وسلم من هذا القرآن حين انزل وضلال بنى آدم بعده وذلك ان النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يظن ان من سمع لهذا القرآن يؤمن به فلمّا سمع المشركون وسخروا منه ولم يؤمنوا به عجب