ج ٨، ص : ١٢٠
عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فى قوله وجعلنا ذرّيّته هم الباقين قال حام وسام ويافث. وأخرج من وجه اخر قال سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم - روى الضحاك عن ابن عباس انّه لمّا خرج نوح من السفينة مات كل من كان معه من الرجال والنساء الا ولده « ١ » ونساؤهم - الظاهر من قصة نوح فى القرآن انه غرق فى الطوفان كل من كان فى الأرض الا من أمن بنوح وركب السفينة ثم لم يبق لاحد ذرية الا لنوح متناسلين إلى يوم القيامة قال سعيد بن المسيب كان ولد نوح ثلاثة سام وحام ويافث فسام أبو العرب والروم والفارس وحام أبو السودان ويافث أبو الترك والخوز ويأجوج وماجوج وما هنالك يعنى وما فى بلاد الشرق من الهند وغير ذلك. قلت وعندى ان نوحا لم يكن مبعوثا إلى كافة الناس فان الإرسال إلى الناس كافة كان من خصائصه صلى اللّه عليه وسلم بل كان مبعوثا إلى قومه خاصة فلم يؤمنوا فدعا عليهم فاهلكوا بالطوفان والمراد بالأرض فى قوله تعالى ربّ لا تذر على الأرض من الكفرين ديّارا ارضه المعهود فعلى هذا الحصر فى هذه الآية إضافي يعنى جعلنا ذرّيته هم الباقين من قومه.
وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) من الأمم هذا الكلام.
سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ (٧٩) جيء به على الحكاية والمعنى يسلمون عليه تسليما ويقولون هذا القول وقيل هو سلام من اللّه ومفعول تركنا محذوف تقديره تركنا عليه الثناء والذكر الجميل وفى العالمين متعلق بالظرف المستقر أى عليه.
إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٠) يعنى انا نجزى كل محسن جزاء كذلك الجزاء أو الذي جزينا نوحا بإبقاء الذكر الجميل والسلام قولا من ربّ العلمين.
إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (٨١) يعنى انما جزيناه ذلك الجزاء بايمانه وإحسانه وفيه بشارة للمحسنين من أمة محمد صلى عليه وسلم.
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٨٢) يعنى غير المحسنين من قومه عطف على نجّينا -
_________
(١) قلت الظاهر عندى ان كل من كان فى السفينة كانوا من ذرية نوح عليه السلام عن أولاد سام أو حام أو يافث فان لبثه فى قومه الف سنة الّا خمسين عامّا يقتضى ان يكون أولاده فى هذه المدة الطويلة كثيرة جدّا فلم يؤمن حام الأشر ذمة قليلة وهم ركبوا السفينة - منه نور اللّه مرقده