ج ٨، ص : ١٢٩
فلما أصبح عرف ان ذلك من اللّه فمن ثم سمى عرفة كذا أخرج البيهقي فى شعب الايمان من طريق الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال ابن إسحاق وغيره فلمّا امر ابراهيم بذبح ابنه قال لابنه خذ الحبل والمدينة ينطلق إلى هذا الشعب نحتطب فلمّا خلا ابراهيم بابنه فى شعب ثبير أخبره بما امر به قال مقاتل راى فى المنام ثلاث ليال متتابعات فلما تيقن ذلك أخبر به ابنه انّى ارى فى المنام انّى أذبحك - وقال السدىّ لمّا دعا ابراهيم فقال ربّ هب لى من الصّالحين وبشر به قال هو إذا للّه ذبيح فلمّا ولد وبلغ معه السّعى قيل له يعنى من اللّه أوف بنذرك هذا هو السبب فى امر اللّه بذبح ابنه.
وهذا القول ينافى الابتلاء قال البغوي انه قال ابراهيم لاسماعيل انطلق نقرب قربانا للّه عزّ وجلّ فاخذ سكينا وحبلا فانطلق معه حتى ذهب به بين الجبال فقال الغلام يا أبت اين قربانك قال يا بنىّ انّى ارى فى المنام انّى أذبحك قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو « و أبو جعفر - أبو محمد » بفتح ياء المتكلم فى انّى ارى وانّى أذبحك والباقون بإسكانها فيهما فَانْظُرْ ما ذا تَرى قرأ حمزة والكسائي « و خلف - أبو محمد » بضم التاء وكسر الراء من الافعال من الرأى لا من الرؤية أى ما ذا تشير وانما استشاره ليعلم صبره على امر اللّه وعزيمته على طاعته والباقون بفتح التاء والراء وأبو عمرو « و ورش يقلله - أبو محمد » يميل فتحة الراء قالَ إسماعيل يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ أى ما تؤمر به فحذفا دفعة أو على الترتيب أو افعل أمرك أى مأمورك والاضافة إلى المأمور وهذا يدل على ان روياء الأنبياء وحي واجب الامتثال وقد روى عبد بن حميد عن قتادة ان رؤيا الأنبياء وحي وروى البخاري فى الصحيح عن أبى سعيد الخدري ومسلم عن ابن عمرو أبى هريرة واحمد وابن ماجة عن أبى رزين والطبراني عن ابن مسعود مرفوعا الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة - ولا شك ان رؤيا الأنبياء كلما صالحة لا يحتمل الفساد واما رؤيا غيرهم فمنها صالحة ومنها دون ذلك سَتَجِدُنِي قرأ نافع « و أبو جعفر - أبو محمد » بفتح الياء والباقون بإسكانها إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) على الذبح..
فَلَمَّا أَسْلَما أى استسلما وانقادا وخضعا لامر اللّه وقال قتادة أى اسلم ابراهيم ابنه واسلم ابنه نفسه وَتَلَّهُ أى صرعه على الأرض لِلْجَبِينِ (١٠٣) قال ابن عباس