ج ٨، ص : ١٥٦
وان هى المفسرة لأن الانطلاق عن مجلس التناول يشعر بالقول وقيل المراد بالانطلاق الاندفاع فى القول وامشوا من مشيت المرأة إذا كثرت ولادتها ومنه الماشية أى اجتمعوا إِنَّ هذا المذكور من التوحيد لَشَيْ ءٌ يُرادُ (٦) منا هذه الجملة فى مقام التعليل على قوله امشوا قال البغوي وذلك ان عمر رضى اللّه عنه لما اسلم وحصل للمسلمين به قوة بمكانه قالت الكفار انّ هذا الشيء يراد قيل معناه هذا الذي نرى من زيادة اصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم لشئ من اللّه يراد بنا فلا مرد له وقيل يراد باهل الأرض وقيل بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ان يملك علينا أو يقال ان هذا الذي يدعيه محمد من التوحيد أو الذي يقصد من الرياسة والترفع على العرب والعجم لشئ يتمنى أو يريده كل أحد أو ان دينكم يطلب ليؤخذ منكم.
ما سَمِعْنا بِهذا الذي يقوله محمد من التوحيد وكلمة هذا للتحقير فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ قال ابن عباس والكلبي ومقاتل يعنون بها النصرانية لانها اخر الملل وهم لا يوحدون بل يقولون ثالث ثلاثة وقال مجاهد يعنون ملة قريش ودينهم الذي هم عليه أى ما سمعنا بهذا فى الملّة التي أدركنا عليه آباءنا ويجوز ان يكون ظرفا مستقرا فى محل الحال أى ما سمعنا من أهل الكتاب ولا الكهان هذا أى التوحيد كائنا فى الملة المترقبة التي هى اخر الملل إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ (٧) أى كذب اختلقه..
أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ أى القرآن الاستفهام للانكار فهو بمعنى النفي فهو تأكيد لمضمون قولهم ان هذا الّا اختلاق مِنْ بَيْنِنا وليس بأكبرنا ولا اكثر منا فى المال والجاه وفيه دليل على ان منشأ تكذيبهم لم يكن الا الحسد وقصور النظر على الحطام الدنيوي قال اللّه تعالى بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي أى القرآن حيث كذبوا الجائى به إضراب للانكار واثبات للشك لميلهم إلى التقليد واعراضهم عن الدليل يعنى ليس عندهم حجة يوجب علما يقينيا بما يقولون انه ساحر كذاب بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ (٨) ولو ذاقوا ما قالوا ذلك وسيذقونها وحينئذ يزول عنهم الشك ولا ينفعهم وبل للاضراب عن الشك واثبات يقينهم واعتقادهم بانتفاء حقيقة القرآن فاثبات الشك انما هو بالنظر إلى انتفاء الحجة عندهم واثبات اليقين نظرا إلى جهلهم المركب وزعمهم الفاسد تعنتا


الصفحة التالية
Icon