ج ٨، ص : ١٧٤
العاصي وذلك يقتضى كون خلقها عبثا لا حكمة فيه فَوَيْلٌ التنكير للتعظيم والفاء للسببية لِلَّذِينَ كَفَرُوا وضع المظهر موضع الضمير للذم والتقبيح مِنَ النَّارِ (٢٧) من السببية.
أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أم منقطعة بمعنى بل والهمزة لانكار التسوية بين الفريقين التي هى من لوازم خلقها باطلا ليدل على نفيه وبل للاضراب عما سبق من ظن بطلان خلق السماوات والأرض وكذا التي فى قوله أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) أنكر اولا التسوية بين المؤمنين والكافرين ثم بين المتقين من المؤمنين والمجرمين منهم ويجوز ان يكون تكريرا للانكار الأول باعتبار الوصفين الأخيرين المانعين التسوية من الحكيم وهذه الآية برهان عقلى تدل على وجوب القول بالحشر إذ لا تفاضل بينهما فى الدنيا غالبا بل الغالب فيها عكس ما يقتضيه الحكمة فلا بد ان يكون لهم محل اخر يجازون فيها وقال مقاتل قال كفار قريش انا نعطى فى الاخرة من الخير ما تعطون فنزلت هذه الآية.
كِتابٌ أى هذا القرآن كتاب من اللّه أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ كثير خير ونفعة لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ أى ليتفكروا فيها يعنى تتفكر أنت وعلماء أمتك فيعرفوا ما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني المستنبطة أو يتفكر كل من له عقل فيعلم انه من اللّه ولا يتصور إتيانه من البشر قال الحسن تدبر آياته اتباعها وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩) أى ليتعظ به ذوى العقول السليمة أو يستحضروا ما هو المركوز فى عقولهم من فرط تمكنهم من معرفته بما نصب عليه من الدلائل فان الكتب الالهية بيان لما لا يعرف الا من الشرع وارشاد إلى ما لا يستقل به العقل ولعل التدبر للمعلوم الأول والتذكر للثانى..
وَوَهَبْنا عطف على قوله فغفرنا له وما بينهما معترضات لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ سليمان إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) تعليل للمدح لأنه رجاع إلى اللّه تعالى بالتوبة أو إلى التسبيح مرجع له.
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ ظرف لاوّاب أو لنعم والضمير لسليمان بِالْعَشِيِّ أى فى العشى يعنى بعد الظهر الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) الصافن من الخيل


الصفحة التالية
Icon