ج ٨، ص : ١٨٤
داود إِذْ نادى رَبَّهُ بدل اشتمال من عبدنا أَنِّي مَسَّنِيَ قرأ حمزة بإسكان الياء والباقون بفتحها وانّ مع جملته حكاية لكلامه الذي نادى به الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ قرأ أبو جعفر بضم النون والصاد ويعقوب بفتحهما والباقون بضم النون وسكون الصاد ومعنى الكل واحد أى بمشقة وضرّ وَعَذابٍ (٤١) أى والم قال مقاتل وقتادة بنصب فى الجسم وعذاب فى المال وقد ذكرنا قصة أيوب ومدة بلائه فى سورة الأنبياء عليهم السلام فلما انقضت مدة بلائه امره اللّه تعالى ان.
ارْكُضْ جملة مستأنفة بتقدير قلنا له اركض بِرِجْلِكَ أى اضرب برجلك الأرض هذا مُغْتَسَلٌ هذه الجملة مبنية على جملة محذوفة تقديره فركض فخرجت عين فقلنا له هذا مغتسل بارِدٌ اغتسل منه فذهب كل داء كان بظاهره وَشَرابٌ (٤٢) اشرب منه فذهب كل داء كان بباطنه وقيل نبعت عينان بركضتين حارة وباردة فاغتسل من إحداهما وشرب من الاخرى أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال ركض برجله اليمنى فنبعت عين وضرب بيده اليمنى خلف ظهره فنبعت عين فشرب من إحداهما واغتسل من الاخرى.
وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ عطف على مفهوم كلام سابق أى فشفيناه ووهبنا له اهله وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ عطف على اركض وعلى هذا وهبنا له إلى آخره جملة معترضة أو هى معطوفة على وهبنا بتقدير وقلنا له خذ بِيَدِكَ ضِغْثاً وهو ملأ الكف من الشجر والحشيش فَاضْرِبْ بِهِ امرأتك وَلا تَحْنَثْ فى يمينك وكان قد حلف ان يضربها مائة سوط فاخذ مائة عود من إذ خر أو غيرها وضربها ضربة واحدة إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً فيما أصابه فى النفس والأهل والمال تعليل لما وهب ولا يخل شكواه إلى اللّه تعالى من الشيطان فى كونه صابرا فانه لا يسمى جزعا كتمنى العافية وطلب الشفاء كما ذكرنا هناك ولشيخنا الشهيد رضى اللّه عنه هاهنا كلام رفيع وهو انه عليه السلام صبر على البلاء سنين على ما ذكر فى القصة ثم لمّا أراد اللّه سبحانه ان يكشف عنه الضرّ القى فى روعه ان اللّه سبحانه يريد منك التضرع والدعاء فى كشف البلاء واظهار عجزك وافتقارك إلى جناب الكبرياء فاختار عليه السلام التضرع والدعاء على ما اقتضى طبعه من الصبر على البلاء ابتغاء لمرضاة