ج ٨، ص : ١٩٨
اى الذي فعل هذه الافعال مبتدا خبره اللَّهُ رَبُّكُمْ خبر ثان لَهُ الْمُلْكُ خبر ثالث لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خبر رابع أى لا يستحق العبادة أحد غيره لعدم اشتراك أحد فى الخلق فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) الفاء للسببية والاستفهام للاستبعاد والتعجب يعنى كيف تصرفون عن طريق الحق بعد هذا البيان الشافي وعن عبادته إلى عبادة غيره -.
إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وعن ايمانكم شرط حذف جزاؤه وأقيم دليله مقامه تقديره ان تكفروا يعود وبال كفركم إليكم لا إلى اللّه تعالى فانّ اللّه غنىّ عنكم وعن ايمانكم وانما أنتم تحتاجون إليه لتضرركم بالكفر وانتفاعكم بالايمان وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ عطف على الشرطية يعنى الكفر مبغوض غير مرضى له تعالى وان كان بإرادته حيث قال من يرد اللّه ان يّهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضلّه يجعل صدره ضيّقا حرجا وهو قول السلف وعليه اجماع أهل السنة والجماعة خلافا للمعتزلة وذكر البغوي انه قال ابن عباس والسدىّ معناه لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر وهم الذين قال اللّه تعالى فيهم انّ عبادى ليس لك عليهم سلطان وهذا القول مبنى على ان يكون الرضاء بمعنى الارادة مجازا والا فالحق انه لا يستلزم الارادة ولا يرادفه فان إرادته يتعلق بالخير والشر كله ما شاء اللّه كان وما لم يشأ لم يكن ويستحيل تخلف المراد عن إرادته قال اللّه تعالى انّما قولنا لشئ إذا أردناه ان نقول له كن فيكون وَإِنْ تَشْكُرُوا أى تؤمنوا بربكم وتطيعوه يَرْضَهُ لَكُمْ قيل فى تفسيره يثيبكم به وهذا حاصل المعنى فان الرضاء يستلزم الاثابة أصله يرضاه سقط الالف بالجزم فقرأ نافع وعاصم وحمزة وهشام « و يعقوب وابن وردان بخلاف عنه أبو محمد » باختلاس حركة هاء الضمير ابقاء على ما كان لأن ما قبله ساكن تقديرا وأبو عمر وابن كثير وابن ذكوان والكسائي « اى الدوري بخلاف منه - أبو محمد » « (و خلف وأبو جعفر بخلاف عنه - » بإشباع الحركة لانها صارت بحذف الالف موصولة بمتحرّك وهى رواية أبى حمدان وغيره عن اليزيدي وفى رواية عن أبى عمرو بإسكان الهاء وبه قرأ يعقوب وَلا تَزِرُ نفس وازِرَةٌ وِزْرَ نفس أُخْرى أى لا تحمله فيه اشارة إلى ان وبال كفركم لا يتجاوز عنكم إلى غيركم فلا يتضرر به النبي صلى اللّه عليه وسلم فدعوته
إياكم إلى الايمان ليس الا لاجل ان ينفعكم ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ


الصفحة التالية
Icon