ج ٨، ص : ٢٠١
ليس بسديد فان الصحة والعافية كما يعطى المؤمن يعطى الكافر أيضا بل قد ينعكس الأمر.
وَأَرْضُ اللَّهِ واسِعَةٌ فلا عذر للمقصرين فى الطاعة لمزاحمة الكفار ففيه كناية عن طلب الهجرة من البلد الذي يتعسر فيه الإحسان ومن ثم قال ابن عباس فى تفسيره ارتحلوا من مكة وعن مجاهد انه قال فى هذه الآية قال اللّه تعالى ارضى واسعة فهاجروا واعتزلوا وقال سعيد بن جبير يعنى من امر بالمعاصي فليهرب والجملة اما معطوفة على قوله للّذين أحسنوا فى هذه الدّنيا حسنة واما على قوله اتّقوا ربّكم لكونها بمعنى هاجروا إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ (١) قيل يعنى الذين صبروا على دينهم فلم يتركوه للاذى من الكفار أو صبروا على مفارقة الأوطان والمعارف قيل نزلت الآية فى جعفر بن أبى طالب وأصحابه مهاجرى الحبشة حيث لم يتركوا دينهم فإذا اشتد فيهم البلاء صبروا وهاجروا واللفظ عام يعمهم وكل من صبر على البلاء وعلى مشقة الطاعة وحبس النفس عن المعصية - قال البغوي قال على رضى اللّه عنه كل مطيع يكال له كيلا ويؤزن له وزنا الا الصابرون فانهم يحثى عليهم حثيا - وروى الاصبهانى عن أنس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تنصب الموازين ويؤتى باهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى باهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى باهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى باهل البلاء فلا تنصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان ويصبّ عليهم الاجر صبّا بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية انهم كانوا فى الدنيا تقرض أجسادهم بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء وذلك قوله تعالى انّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب.
وذكر البغوي نحوه وأخرج الطبراني وأبو يعلى بسند لا بأس به عن ابن عباس قال يؤتى بالشهيد يوم القيامة فينصب للحساب ثم يؤتى بالمصدق فينصب للحساب ثم يؤتى باهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان فيصب لهم الاجر صبّا حتى ان أهل العافية ليتمنون بالموقف ان أجسادهم قرضت بالمقاريض من حيث ثواب اللّه لهم. وأخرج الترمذي وابن أبى الدنيا عن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يودّ أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو ان جلودهم