ج ٨، ص : ٢٠٣
فانهم بالضلال والإضلال بدلوا نصيبهم من الجنة بنصيبهم من النار وهو لازم وجاء هاهنا متعديّا قال البغوي قال ابن عباس وذلك (يعنى خسران الأهل) ان اللّه جعل لكل انسان منزلا فى الجنة وأهلا فمن عمل بطاعة اللّه كان ذلك المنزل والأهل له ومن عمل بمعصية كان ذلك المنزل والأهل لغيره ممن عمل بالطاعة قلت فعلى هذا معنى خسر اهله انه فوّت اهله وقيل خسران الأهل ان كانوا من أهل النار فبالاضلال وان كانوا من أهل الجنة فلذهابه عنهم ذهابا لا رجوع بعده أَلا ذلِكَ أى خسران يوم القيامة هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١٥) دون غير ذلك من اصناف الخسران فان خسران الدنيا سهل ويتبدل وفيه مبالغة فى خسرانهم لما فيه من الاستئناف والتصدير بالا وتوسيط ضمير الفصل وتعريف الخسران ووصفه بالمبين ثم شرح الخسران بقوله.
لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ أطباق سرادقات من النار ودخانها وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ فرش ومهاد من النار إلى ان ينتهى إلى القعر - سمّى السافلة ظللا لكونها ظللا لمن تحتهم ذلِكَ العذاب هو الذي يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ ليجتنبوا ما يوقعهم فيه يا عِبادِ فَاتَّقُونِ (١٦) أى اتقونى ولا تتعرضوا لما يوجب سخطى وعذابى -.
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ البالغ فى الطغيان فعلوت منه بتقديم اللام على العين بنى للمبالغة فى المصدر كالرحموت ثم وصف به للمبالغة فى النعت ولذلك اختص بالشيطان وفسره البغوي بالأوثان لأن تأنيث الضمير فى قوله أَنْ يَعْبُدُوها وهو بدل اشتمال من الطاغوت يدل على ان المراد به الأوثان وَأَنابُوا أى اقبلوا بشراشرهم إِلَى اللَّهِ عمّا سواه لَهُمُ الْبُشْرى بالثواب على السنة الرسل فى الدنيا وعلى السنة الملائكة عند حضور الموت يعنى هم استحقوا ان يبشروا ولذلك فرع قوله فَبَشِّرْ يا محمد عِبادِ (١٧) قرأ أبو شعيب بياء مفتوحة وصلا ساكنة وقفا وأبو حمدون وغيره عن اليزيدي مفتوحة فى الوصل محذوفة فى الوقف وهو قياس قول أبى عمرو حيث يتبع الرسم فى الوقف والباقون يحذفونها فى الحالين. « و وقف يعقوب بالياء - أبو محمد » أخرج جويبر بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال لمّا نزلت لها سبعة أبواب الآية اتى رجل من الأنصار النبي صلى اللّه