ج ٨، ص : ٢٠٧
مالك بن دينار ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب وما غضب اللّه على قوم إلا نزع منهم الرحمة - روى الحاكم وغيره عن سعد بن أبى وقاص قال انزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم القرآن فتلا عليهم زمانا فقالوا يا رسول اللّه لو حدثتنا وأخرج ابن جرير عن عون بن عبد اللّه ان اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ملوا ملة فقالوا لو حدثتنا فنزلت.
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ تقرير لقوله انّا أنزلنا إليك الكتاب وما بينهما معترضات وفى الابتداء باسم اللّه وبناء نزّل عليه تأكيد للاسناد إليه وتفخيم للمنزل واستشهاد على حسنه كِتاباً بدل من احسن الحديث أو حال منه مُتَشابِهاً صفة لكتابا يعنى يشبه بعضه بعضا فى صحة المعنى والدلالة على المنافع العامة والحسن المعجز ويصدق بعضه بعضا مَثانِيَ صفة اخرى جمع مثناة اسم الظرف فانه ثنى فيه ذكر الوعد والوعيد والأمر والنهى والاخبار والاحكام وصف به الكتاب باعتبار تفاصيله فهو كقولك القرآن سور وآيات والإنسان عروق وعظام ولحم واعصاب أو جعل تميزا من متشابها كقولك رايت رجلا جسيما حسنا شمائل أو جمع مثنية اسم الفاعل فان آياته تثنى على اللّه لصفاته الكمال تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ خوفا لما فيه من الوعيد الجملة صفة ثالثة لكتابا ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ أى لذكر اللّه بالرحمة وعموم المغفرة - والإطلاق للاشعار بأن اصل امره الرحمة وان رحمته سبقت غضبه والتعدية بالى لتضمين معنى السكون والاطمينان وذكر القلوب لتقدم الخشية التي هى من عوارضها يعنى إذا ذكر عذاب اللّه فى آيات الوعيد من القرآن يخاف قلوب المؤمنين وتقشعر جلودهم والاقشعرار انقباض وتغير فى جلد الإنسان عند الخوف وإذا ذكر اللّه بالرحمة فى آيات الوعد من القرآن تلين جلودهم وتسكن قلوبهم - لمّا وصف اللّه القرآن بكونه مثانى؟؟؟ فيه ذكر الوعيد والوعد وصفه بما يتاثر به المؤمنون عند الوعيد والوعد فكان تقدير الكلام يخاف منه قلوب الذين يخشون ربهم وتقشعر جلودهم ثم تلين جلودهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر اللّه


الصفحة التالية
Icon