ج ٨، ص : ٢١٤
والجماعة فان مرتكب الكبيرة عندهم لا يخلد فى النار والايمان جزاؤه الخلود فى الجنة وهو غير متناه فلا يأتى ما هو متناه على ما ليس بمتناه - فالحاصل انه إذا فنيت حسنات الظالم قبل ان يقتض ما عليه من الخطايا وبقي عنده الايمان المجرد أخذ من خطايا
المظلومين ما عدا الكفر لكونه غير متناه الجزاء فلا يوازن ما هو متناه الجزاء فيطرح على الظالم ثم طرح فى النار ان لم يعف عنه حتى إذا انتهت عقوبة تلك الخطايا ادخل الجنة بايمانه ويخلد فيها وقال البيهقي مثل ما قلت وأخرج مسلم عن أبى هريرة ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لتردن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى تعاد للشاة الجماء من الشاة القرناء - وفيه حتى للجاء من القرناء وللذرة من الذرة - وفى الباب أحاديث كثيرة لم اذكرها وروى البيهقي عن الزبير بن العوام قال لمّا نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثمّ انّكم يوم القيامة عند ربّكم تختصمون قلنا كيف نختصم وديننا وكتابنا واحد حتى رايت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف فعرفت انه نزلت فينا - وعن ابن عمر نحوه وعن أبى سعيد الخدري فى هذه الآية قال كنا نقول ربنا واحد ونبينا واحد وكتابنا واحد فما هذه الخصومة فلمّا كان يوم الصفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا - وعن ابراهيم قال لما نزلت ثمّ انّكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قالوا كيف نختصم ونحن اخوان فلمّا قتل عثمان قالوا هذا خصومتنا - ومقتضى هذه الأقوال انهم كانوا يزعمون ان الاختصام فى الدماء لا يكون الا بين المؤمنين والكافرين فلمّا ظهر البغي والفساد بين المسلمين اتضح لهم انه يكون بين المؤمنين أيضا -.
فَمَنْ أَظْلَمُ الفاء للسببية فان اختصام الكفار مع النبي صلى اللّه عليه وسلم سبب لكونهم اظلم الناس والاستفهام للانكار يعنى لا أحد اظلم مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ فزعم ان له ولدا وشريكا - وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ أى بما جاء به النبي صلى اللّه عليه وسلم من القرآن وغيره إِذْ جاءَهُ من غير توقف وتفكر فى امره بل مع الشواهد والادلة القاطعة على صدقه أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً أى منزلا ومقاما لِلْكافِرِينَ (٣٢) استفهام للتقرير فقوله تعالى انّك ميّت وانّهم ميّتون مع ما يتلوه تسلّية للنبى صلى اللّه عليه وسلم على