ج ٨، ص : ٢٢٠
فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ
امر اللّه سبحانه رسوله بالالتجاء إلى اللّه بالدعاء لمّا تحير فى أمرهم وعجز فى عنادهم وشدة شكيمتهم فانه القادر على الأشياء كلها العالم بالأحوال جميعها ما غاب عنّا وما شاهدناه أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فتنصر المحق وتخذل المبطل فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) عن أبى سلمة قال سالت عائشة بما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفتح الصلاة من الليل قالت كان يقول اللّهم رب جبرئيل وميكائيل واسرافيل فاطر السّموات والأرض عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك فى ما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم -.
وَلَوْ ثبت أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وعيد شديد واقناط بليغ لهم من الخلاص وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) فى مراتب التعذيب فيه مبالغة بليغة فى مقابلة قوله تعالى للمؤمنين فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرّة أعين - قال مقاتل ظهر لهم حين بعثوا ما لم يحتسبوا فى الدنيا انه نازل بهم فى الاخرة وجاز ان يكون المعنى انهم يحتسبون ان الأوثان يشفع لهم أو لا يكون لهم بعث ونشور أو يكونوا فى الاخرة حسن حالا من المؤمنين فيظهر خلاف ذلك وقال السدى ظنوا انها حسنات فبدت لهم انها سيئات يعنى كانوا يزعمون التقرب إلى اللّه بعبادة الأوثان فلمّا عوقبوا عليها بدا لهم من اللّه ما لم يكونوا يحتسبون.
وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا أى بدا مساوى أعمالهم من الشرك والظلم إلى اولياء اللّه حين يعرض عليهم صحائفهم وَحاقَ أى أحاط بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨) ما موصولة والمراد به العذاب أو مصدرية والمعنى حاق بهم جزاء استهزائهم..
فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الكافر وقيل اخبار عن الجنس بما يغلب فيه ضُرٌّ شدة دَعانا معطوف على قوله وإذا ذكر اللّه وحده بالفاء لبيان تناقضهم وتعكيسهم فى السبب يعنى يشمازّون عند ذكر اللّه وحده ويستبشرون عند ذكر الأصنام فإذا مسهم