ج ٨، ص : ٢٢٣
صغيرها وكبيرها إذا تبتم عن الشرك وأمنتم باللّه وحده فان الإسلام يهدم ما كان قبله - رواه مسلم عن عمرو بن العاص عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ومورد هذه الآية وان كان خاصا فانها نزلت فى من ارتكب الكبائر فى حالة الشرك ثم اسلم لكن لفظها عام يدل على ان العبد إذا أمن (كما يدل عليه إضافته تعالى العبد إلى نفسه بناء على عرف القرآن وان كان ارتكب الكبائر بعد الإسلام) ليرجو ان يغفر اللّه له ان شاء وان لم يتب كما يدل عليه قوله تعالى انّ اللّه لا يغفر ان يّشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء والتعليل فى هذه الآية بقوله إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣) بصيغة المبالغة وإفادة الحصر والوعد بالرحمة بعد المغفرة وتقديم ما يستدعى عموم المغفرة مما فى عبادى من الدلالة على الزلة والاختصاص المقتضيين للترحم وتخصيص ضرر الإسراف بانفسهم والنهى عن القنوط مطلقا عن الرحمة فضلا عن المغفرة وإطلاقها وتعليله بان اللّه يغفر الذنوب جميعا ووضع اسم اللّه موضع الضمير للدلالة على انه المستغنى والمنعم على الإطلاق والتأكيد بالجمع والأحاديث الواردة فى هذا الباب واجماع الامة - روى مقاتل بن حبان عن نافع عن ابن عمر قال كنا معشر اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نرى أو نقول ليس شىء من حسناتنا الا وهى مقبولة حتى نزلت يايّها الّذين أمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول ولا تبطلوا أعمالكم قلنا ما هذا الذي نبطل اعمالنا فقلنا الكبائر والفواحش - قال فكنا إذا راينا من أصاب شيئا منها قلنا قد هلك فنزلت هذه الآية قل يا عبادى الّذين أسرفوا - فكففنا عن القولين فكنا إذا راينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه وان لم يصب منها شيئا رجونا له - وروى عن ابن مسعود انه دخل المسجد قاصّ يقصّ وهو يذكر النار والاغلال فقام على رأسه فقال يا مذكّر لم نقنط الناس ثم قرأ قل يا عبادى الّذين أسرفوا عمل أنفسهم لا تقنطوا من رّحمة
اللّه الآية - وعن اسماء بنت زيد قالت سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ يا عبادى الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رّحمة اللّه انّ اللّه يغفر الذّنوب جميعا ولا يبالى - رواه أحمد والترمذي وقال هذا حديث حسن غريب وفى شرح السنة يقول بدل يقرا وعن أبى سعيد الخدري عن رسول اللّه