ج ٨، ص : ٢٣١
الّذين اتّقوا وما بينهما اعتراض للدلالة على انه مهيمن على العباد مطلع على أفعالهم مجاز عليها وتغير النظم للاشعار بان العمدة فى فلاح المؤمنين فضل اللّه وفى خسران الكافرين كفرهم بايات اللّه والتصريح بالوعد والتعريض بالوعيد قضية المكر واللّه اعلم - أخرج الطبراني وابن أبى حاتم عن ابن عباس ان قريشا دعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى ان يعطوه مالا فيكون اغنى رجل بمكة ويزوجوه ما أراد من النساء فقالوا هذا لك يا محمد وكفّ عن شتم الهتنا ولا تذكرها بسؤ فان لم تفعل فاعبد الهتنا سنة ونعبد إلهك سنة قال حتى انظر ما يأتينى من ربى فانزل اللّه تعالى قل يا ايّها الكافرون إلى اخر السورة وانزل.
قُلْ يا محمد أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي قرأ نافع وابن كثير « و أبو جعفر - أبو محمد » بفتح الياء والباقون بإسكانها أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤) وأخرج البيهقي فى الدلائل عن الحسن البصري قال قال المشركون للنبى صلى اللّه عليه وسلم تضلل آباءك وأجدادك يا محمد فانزل اللّه هذه الآية إلى قوله من الشّاكرين وقال البغوي قال مقاتل ان كفار مكة دعوه إلى دين ابائه فنزلت قرأ أهل الشام بنونين خفيفتين واهل المدينة بنون واحدة خفيفة على الحذف فانها تحذف كثيرا والباقون بنون واحدة مشددة على الإدغام والهمزة للانكار والفاء للعطف على محذوف وغير مفعول لاعبد قدم عليه لأنه محل الإنكار وتأمرونى جملة معترضة تقديرهء أكفر فغير اللّه اعبد تأمرونى بذلك وجاز ان ينتصب غير بما دلّ عليه تأمروني اعبد لأنه بمعنى تعبّدونى من التفعيل على ان أصله تأمرونني ان اعبد غير اللّه فحذف ان ورفع الفعل كقوله احضر الوعى ويؤيده قراءة اعبد بالنصب فالتقدير الم يتضح عليكم التوحيد بعد تلك الدلائل فتعبّدوننى غير اللّه حيث تأمرونني ان اعبد غير اللّه.
وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) كلام على سبيل الفرض والمراد به اقناط الكفرة والاشعار على حكم الامة. وبهذه الآية نحكم بان الردة محبط لثواب جميع الحسنات كما ان الإسلام يهدم ما كان قبله من السيئات فان اسلم بعد الردة فى وقت صلوة


الصفحة التالية
Icon