ج ٨، ص : ٢٣٥
الا ويعرض على النبي صلى اللّه عليه وسلم أمته غدوة وعشية فيعرفهم بسيماهم وأعمالهم فلذلك يشهد عليهم وَالشُّهَداءِ قال ابن عباس الذين يشهدون للرسل على تبليغ الرسالة وهم أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم وقال عطاء يعنى الحفظة يدل عليه قوله تعالى وجاءت كلّ نفس « ١ » معها سائق وشهيد وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أى بين العباد بِالْحَقِّ أى بالعدل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٦٩) أى لا يزاد فى سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم.
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ أى جزاوه وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (٧٠) قال عطاء يعنى انه تعالى عالم بأفعالهم لا يحتاج إلى كاتب وشاهد انما الكتاب والشهود جريا على العادة وإلزاما للكفرة - ثم فصل اللّه التوفية وقال.
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً أى أفواجا متفرقة بعضها على عقب بعض على تفاوت أقدامهم فى الضلالة قال أبو عبيدة والأخفش زمرا أى جماعات فى فرقة واحدتها زمرة واشتقاقها من الزمر وهو الصوت إذ الجماعة لا تخلو عنه أو من قولهم شاة زمرة أى قليلة الشعر ورجل زمر قليل المروة وهى الجمع القليل حَتَّى إِذا جاؤُها ليدخلوها فُتِحَتْ قرأ الكوفيون بالتخفيف والباقون بالتشديد على التكثير أى فتحّت ابوابها السبعة كلها وكانت مغلقة قبل ذلك وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها تقريعا وتوبيخا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ أى من جنسكم يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أى وقتكم هذا أى وقت دخولكم النار قال البيضاوي فيه دليل على انه لا تكليف قبل الشرع من حيث انهم عللوا توبيخهم بإتيان الرسل وإنذار الكتب قلت هذه الآية لا تدل على عدم التعديب على الإشراك باللّه عند عدم الرسل بل على كمال التوبيخ بعد تمام الحجج فان العقل وان لم يكن مستقلا فى درك الشرائع لكن الدلائل المنصوبة على الوحدانية كاف لحكم العقل بالتوحيد فإذا أرسل اللّه سبحانه الرسل وانزل الكتب وأوضح الطريق لم يبق العذر بوجه من الوجوه واللّه اعلم قالُوا بَلى وَلكِنْ
_________
(١) وفى الأصل وجاءت كلّ امّة إلخ ١٢ -