ج ٨، ص : ٢٦٠
بالايمان باللّه وحده وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) أى إلى الشرك الذي يوجب النار كور نداءهم ايقاظا لهم عن سنة الغفلة واهتماما بالمناولة ومبالغة فى توبيخهم على ما يقابلون به نصحه - لم يعطف النداء الثاني على الأول لأنه بيان لما قبله وعطفه الثالث على الثاني أو على الاول.
تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ بدل من تدعوننى الأول أو بيان منه تعليل والدعاء يعدى بالى وباللام كالهداية وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ أى بربوبيته عِلْمٌ بل عندى دليل قاطع على امتناعه ولا بد للايمان من برهان على وجوده وربوبيّته ولا يصح الاعتقاد الا عن ايقان وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الغالب القادر على الانتقام ممن كفر به الْغَفَّارِ (٤٢) لذنوب من شاء ممن أمن به فهو المستجمع لصفات الالوهية من كمال القدرة والعلم والارادة..
لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ قيل لا فى لا جرم رد لما دعوه إليه من عبادة الأصنام وجرم فعل بمعنى حقّ وفاعله انّ مع جملتها أى حق عدم دعوة الهتكم إلى عبادتها أصلا فى الدارين لانها جمادات لا دعوة لهم فى الدنيا إلى العبادة وفى الاخرة تتبرّأ عن عابديها وليس لها ما يقتضى الوهيتها أو حق عدم دعوة مستجابة لها أو عدم استجابة دعوة لها قال السدىّ لا يستجيب لاحد فى الدنيا ولا فى الاخرة - وقيل جرم فعل من الجرم بمعنى القطع ولا للنفى كما ان بدّا من لا بدّ فعل من التبديد بمعنى التفريق والمعنى لا قطع لبطلان دعوة الوهية الأصنام أى لا ينقطع فى وقت ما فيكون معناه استمرّ كما فى ما برح وما زال وحاصل معناه حقّا وفى القاموس لا جرم أى لا بدّ أو حقّا أو لا محالة أو هذا أصله ثم تحول إلى القسم فلذلك يجاب عنه باللام يقال لا جرم لاتينك وقيل جرم بمعنى كسب وفاعله مستكن فيه إلى كسب ذلك الدعاء إليه ان لا دعوه له بمعنى ما حصل من ذلك الا ظهور بطلان دعوته ولا على هذا أيضا لرد ما دعوه إليه وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ بعد الموت فيجازى كلّا بما يستحقه وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ فى الضلالة الطغيان بالاشراك