ج ٨، ص : ٣٠٤
والمرض فَيَؤُسٌ أى فهو يؤس من روح اللّه قَنُوطٌ (٤٩) من رحمته.
وَلَئِنْ أَذَقْناهُ أى الكافر جواب قسم محذوف رَحْمَةً مالا وعافية مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي جواب للقسم لفظا وللشرط معنى يعنى هذا حقى لما فىّ من الفضل والعمل والعلم، أو هذا لى دائما لا يزول وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً أى تقوم وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي قرأ وأبو جعفر - أبو محمد أبو عمرو ونافع بخلاف عن قالون بفتح الياء والباقون بإسكانها إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى يعنى لأن قامت القيامة على التوهم لكان لى عند اللّه الحالة الحسنة من الكرامة وذلك لاعتقاده ان ماله من الدنيا انما هو لاستحقاقه الكرامة الغير المنفك عنه فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا جواب قسم محذوف والفاء للسببية بِما عَمِلُوا قال ابن عباس لنفتنهم على مساوى أعمالهم وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠) لا يمكنهم التفصى عنه -.
وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ الكافر أَعْرَضَ عن الشكر وَنَأى بِجانِبِهِ أى ثنى عطفه وقيل الجانب كناية عن النفس كالجنب فى قوله تعالى جنب اللّه يعنى ذهب بنفسه وتباعد عنه بكليته لكمال الغلفة وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١) أى كثير مستعار ممّا له عرض وسيع للاشعار بكثرته والعرب يستعمل الطول والعرض فى الكثرة يقال أطال فى الكلام والدعاء واعرض أى اكثر والعريض ابلغ من الطويل إذ الطول أطول الامتدادين فإذا كان عرضه كذلك فما ظنك بطوله ومن ثم قال اللّه تعالى جنّة عرضها السّموات - ولا منافاة بين قوله وإذا مسّه الشّرّ فيؤس قنوط وبين قوله فذو دعاء عريض لأن الاولى فى قوم آخرين ولعل الاولى فى الكفار ولا يياس من روح اللّه الّا القوم الكافرون ومن يّقنط من رّحمة اللّه الّا القوم الضّالّون « ١ » والثانية فى الغافلين من المؤمنين. وجاز ان يكون كلا الآيتين فى الكفار والمراد انهم إذا مسّهم شر دعوا مخلصين له الدين فإذا روا تاخرا فى الاجابة يئسوا وقنطوا بخلاف المؤمنين الصالحين فانهم لا يقنطون ويرون فى تأخير الاجابة حكمة قال
_________
(١) فى القرآن الّا الضّالّون ١٢ [.....]


الصفحة التالية
Icon