ج ٨، ص : ٣١٥
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ أى جنس الكتب بِالْحَقِّ أى متلبسا به بعيدا من الباطل وبما يحق به انزاله من العقائد الحقة والاحكام وَالْمِيزانَ قال قتادة ومجاهد ومقاتل بالعدل سمى العدل ميزانا لأن الميزان فمعز الدولة الانصاف والتسوية وقال ابن عباس امر اللّه تعالى بالإيفاء ونهى عن البخس وقيل المراد به الشرع فانه توازن به الحقوق وتسوى بين الناس وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) قال الكسائي أى قريب إتيانها فاتبع الكتاب واعمل بالشرع وواظب على العدل قبل ان نفاجئك الساعة يؤزن حينئذ أعمالك ويوفى جزاؤك وقيل تذكير القريب كأنَّه بمعنى ذات قرب أو لأن الساعة بمعنى البعث وجملة لعلّ السّاعة قريب سدّ مسد المفعولين ليدريك ولعل علق الفعل عن العمل قال مقاتل ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم الساعة وعنده قوم من المشركين فقالوا تكذيبا متى الساعة فانزل اللّه تعالى.
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها استهزاء وظنّا انها غير اتية وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها أى خائفون منها لاحتمال العذاب وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ الكائن لا محالة أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ أى يجادلون فيها ويشكون فى إتيانها فى القاموس المرية بالكسر والضم الشك والجدل وماراه مماراة شك واصل ذلك من مرنت الناقة إذا مسحت ضرعها بشدة للحلب لأن كلّا من المتجادلين يستخرج ما عند صاحبه بكلام فيه شدة لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) عن الحق فان البعث أشبه الغائبات بالمحسوسات فمن لم يهتد إلى تجويزه مع كمال قدرة اللّه بعد دلالة الكتاب والسنة عليه وشهادة العقل على دار الجزاء فهو ابعد من الاهتداء إلى ما وراء.
اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ قال ابن عباس حفىّ بهم قال عكرمة بارّ بهم قال السدىّ رفيق وقال مقاتل لطيف بالبر والفاجر حيث لم يهلكهم جزاء لمعاصيهم وقيل لطيف فى إيصال المنافع وصرف البلاء من وجه بلطف إدراكه قيل لطيف بالغوامض علمه وعظيم عن الجرائم حلمه وينشر المناقب ويستر العيوب ويعطى العبد فوق الكفاية ويكلفه بالطاعة دون الطاقة يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ ما يشاء فيختص كلّا من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته وكل من يرزق من مؤمن وكافر وذى


الصفحة التالية
Icon