ج ٨، ص : ٣٢٩
على البغي - قلت الباغي ان كان ظالما متعديا على حق اللّه تعالى وعلى عامة المؤمنين فالاولى بل الواجب هناك الانتقام وسدّ باب الفتنة - وان كان متعديا على نفس أحد فالانتصار « ١ » والانتقام من غير اعتداء له منه جائز لكن العفو والإصلاح ودفع السيئة بالحسنة أفضل واللّه اعلم - ولمّا ذكر اللّه سبحانه جواز الانتصار منعهم عن التعدي فيه فقال.
وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها جملة معترضة سمى الجزاء سيئة لتشابهما فى الصورة أو لأنه تسوء بمن تنزل به أو لأنه أسوأ من العفو قال مقاتل يعنى القصاص فى الجراحات والدماء وقال مجاهد والسدىّ هو جواب القبيح إذا قال أخزاك اللّه فيقول أخزاك اللّه وإذا شتم أحد شتمه بمثلها من غير ان يعتدى - وقال سفيان بن عيينة قلت لسفيان الثوري ما قوله عزّ وجلّ وجزؤا سيّئة سيّئة مثلها ان كان يشتمك رجل تشتمه أو يفعل بك فتفعل به فلم أجد عنده شيئا فسالت هشام بن حجيرة عن هذه الآية فقال الجارح إذا جرح يقتص منه وليس هو ان يشتمك فتشتمه « ٢ » ويؤبد قول هشام قوله صلى اللّه عليه وسلم المستبّان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان - رواه أحمد والبخاري فى الأدب بسند
_________
(١) عن ابن عون قال كنت اسئل عن الانتصار وعن قوله تعالى ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل فحدثنى على بن زيد بن ضرعان عن أم محمد امراة أبيه قال ابن عون (و زعموا انها كانت تدخل على أم المؤمنين عائشة) قالت قالت عائشة أم المؤمنين دخل علىّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش فجعل يصنع بيده شيئا فقلت بيده حتى فطنته لها فامسك وأقبلت زينب تقحم لعائشة فنهاها فابت ان تنتهى فقال لعائشة سبيها فسبتها فانطلقت زينب إلى على فقالت ان عائشة وقعت بكم وفعلت فجاءت فاطمة فقال لها انها حبة أبيك ورب الكعبة فانصرفت فقالت لهم إلى قلت وكذا وكذا فقال لى كذا وكذا قالت وجاء على إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فكلمه فى ذلك - أخرجه أبو داود منه برد اللّه مضجعه
(٢) عن أبى هريرة ان رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى اللّه عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يتعجب ويتبسم فلما اكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى اللّه عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال يا رسول اللّه كان يشتمنى وأنت جالس فلمّا رددت بعض قوله غضبت وقمت قال انه كان معك ملك يرد عنك فلمّا رددتّ عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لاقعد مع الشيطان ثم قال يا أبا بكر ثلاث هن حق ما من عبد ظلم مظلمة فيغفر عنها اللّه الا أعزّه اللّه بها نصرة وما فتح رجل باب عطية يريد بها سلبه الا زاده الله كثرة وما فتح رجل باب مسئلة يريد بها كثرة الا زاد اللّه بها قلة - رواه أحمد منه نور اللّه ضريحه ١٢.