ج ٨، ص : ٣٣٤
عليه إِنَّهُ عَلِيٌّ عن صفات المخلوقين حَكِيمٌ (٥١) يفعل ما يقتضيه حكمته فتكلم تارة بغير وسط وتارة بوسط -.
وَكَذلِكَ أى ايحاء كايحائنا إلى سائر الرسل أو كما وصفنا لك أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً أى كتابا وهو القرآن كذا قال الكلبي ومالك بن دينار وقال السدىّ سماه روحا لأن القلوب يحيى به كما يحيى الأبدان بالأرواح وقال الربيع الروح جبرئيل والمعنى أرسلنا إليك جبرئيل وما قال ابن عباس انه النبوة وقال الحسن الرحمة فالمراد به أيضا القرآن فانه اثر النبوة والرحمة مِنْ أَمْرِنا الذي نوحيه إليك ظرف مستقر لروح أى روحا كائنا من أمرنا ما كُنْتَ تَدْرِي قبل الوحى حال من كاف إليك مَا الْكِتابُ سدّ مسد المفعولين لتدرى وحرف الاستفهام علقه عن العمل وَلَا الْإِيمانُ يعنى شرائعه ومعاملة التي لا طريق إليه غير السمع فقال محمد بن إسحاق المراد بالايمان فى هذه المقام الصلاة كما فى قوله تعالى ما كان اللّه ليضيع ايمانكم وهذا التفسير مبنى على ان أهل العلم اتفقوا على ان الأنبياء عليهم السلام كانوا ملهمين من اللّه تعالى بالايمان بالصانع المتوحد بصفات الكمال المنزه عن النقص والزوال. وما قيل ان النبي صلى اللّه عليه وسلم كان قبل الوحى يعبد اللّه على دين ابراهيم فشئ لا يصاعده العقل والنقل فانه صلى اللّه عليه وسلم كان اميّا لم يقرأ الكتاب ولم يكن دين ابراهيم شائعا فى قريش كانوا يعبدون الحجارة غير انه صلى اللّه عليه وسلم يرغب إلى الخلوة قلت ويمكن ان يقال انه صلى اللّه عليه وسلم كان مؤمنا كاملا محققا بحقيقة الايمان لكن لم يدر انّ هذه الحالة ايمان واللّه اعلم.
وَلكِنْ جَعَلْناهُ قال ابن عباس يعنى الايمان وقال السدىّ يعنى القرآن نُوراً لظلمة الجهل نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا أى نوصل به إلى العقيدة الحقة فى الدنيا والى الجنة والى مراتب القرب فى الاخرة وَإِنَّكَ يا محمد لَتَهْدِي الناس كافة إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) وهو الإسلام الموصل إلى الجنان والمراد بالهداية هاهنا اراءة