ج ١، ص : ٣٥
مرفوعا - قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ فانه لا يساعد عقائدهم الآراء قالوا ذلك في شأن الصحابة صريحا كالروافض والخوارج ينسبون اصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم واهل بيته إلى السفه والكفر أو قالوا ذلك دلالة حيث خالفوهم وزعموا ان تلك العقائد غير معقولة - وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا الآية بيان لما في تلك المذاهب من التقية خوفا من الذين استخلفهم اللّه تعالى في الأرض غالبا - ومكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم على حسب وعده - وقوله تعالى مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً يحتمل ان يكون مثلا للفريقين من المنافقين واهل الأهواء وايمان أهل الأهواء ولمعان نوره مقتصر على ما حول المستوقد وقربه يعنى فى الدنيا حيث يلتبس الحق بالباطل فإذا ماتوا ذهب اللّه بنورهم - ويحتمل ان يكون مثلا للمنافقين خاصة واصحاب الصيب مثل أهل الأهواء وكلمة أو للتوزيع كما في قوله تعالى أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ - واللّه تعالى أعلم فان قيل كيف يتصور حمل هذا المثل على أهل الأهواء ولم يكونوا في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم - قلت خطابات القرآن عامة للموجودين ومن سيوجد اجماعا - أليس قوله تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ في حق أهل الأهواء - فان قيل نزول هذه الآيات كان في حق المنافقين كما تدل عليه الأحاديث وتفاسير السلف - قلت نعم لكن خصوص المورد لا يقتضى تخصيص عموم اللفظ - فالايات وان كانت نازلة في حق المنافقين لكنها بعموم ألفاظها شاملة لاهل الأهواء واللّه تعالى أعلم -.
يا أَيُّهَا النَّاسُ - خطاب لجميع الناس من أهل الخطاب عموما الموجودين ومن سيوجد تنزيلا لهم منزلة الموجودين لما تواتر من دينه صلى اللّه عليه وسلم ان مقتضى أحكامه وخطابه شامل للقبيلتين تابت إلى يوم القيامة وكذا كل جمع أو اسم جمع محلى باللام ويدل عليه استدلال الصحابة بعمومها شائعا قال ابن عباس - يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب أهل مكة ويا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خطاب أهل المدينة فان أهل مكة لمّا كان أكثرهم كفارا والمؤمنون كانوا هناك قليلا خاطب بما يعم القبيلتين - واهل المدينة لما كان أكثرهم مؤمنون خاطبهم بعنوان الايمان إظهارا لشرفهم اعْبُدُوا رَبَّكُمُ فان التربية باعثة للعبادة وشكر المنعم وان كان اللّه تعالى في نفسه مستحقا لها - والخطاب بوجوب العبادة شامل للمؤمنين والكفار - فالكفار مأمورون بها بعد إتيان شرطه من الايمان - وقال ابن عباس - ما ورد في القرآن من العبادة فمعناه التوحيد فالكفار مأمورون بإتيانها والمؤمنون