ج ٨، ص : ٣٤٥
فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) أى سيثبتنى على الهداية أو يرشدنى فوق ما أرشدني اليه.
وَجَعَلَها أى جعل ابراهيم هذه الكلمة أى كلمة التوحيد المفهومة من قوله انّنى براء إلى سيهدين كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ أى ذريته قال قتادة لا يزال فى ذريته من يعبد اللّه وحده وقال القرطبي جعل اللّه تعالى وصية ابراهيم باقية فى نسله وذريته وقال ابن زيد يعنى قوله أسلمت لربّ العالمين وقرأ هو سمّيكم المسلمين لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨) أى اذكر قول ابراهيم لعل أهل مكة يرجعوا إلى دين ابراهيم ووصيته.
بَلْ مَتَّعْتُ إضراب عن قوله لعلّهم يرجعون هؤُلاءِ يعنى كفار مكة المعاصرين للنبى صلى اللّه عليه وسلم وَآباءَهُمْ الذين ماتوا على الشرك يعنى لم أعاجلهم بالعقوبة على كفرهم حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ أى القرآن وقال الضحاك الإسلام وَرَسُولٌ مُبِينٌ (٢٩) أى ظاهر الرسالة بالمعجزات أو مظهر التوحيد بالحجج والآيات أو مظهر احكام اللّه سبحانه.
وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ أى القرآن قالُوا هذا أى القرآن سِحْرٌ سموه سحرا لعجزهم عن معارضته وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ (٣٠) أخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس قال لما بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم أنكرت العرب ذلك وقالوا اللّه أعظم من ان يكون رسوله بشرا فانزل اللّه تعالى أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ وانزل وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا فلمّا كررت الآية عليهم قالوا وان كان بشرا فغير محمد كان أحق بالرسالة.
وَحينئذ قالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ أى من احدى القريتين مكة والطائف عَظِيمٍ (٣١) بالجاه والمال فان الرسالة من اللّه منصب عظيم لا يليق الا لعظيم ولم يعلموا انها رتبة روحانية يستدعى عظم النفس بالتجلى بالفضائل والكمالات القدسية وكمال الاستعداد للتجليات الذاتية والصفاتية لا التزخرف بالزخارف الدنيوية - وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال قال الوليد بن المغيرة لو كان ما يقول محمد حقّا انزل علىّ هذا القرآن وابن مسعود الثقفي فنزلت هذه الآية - وقال البغوي قال مجاهد يعنون عتبة بن ربيعة من مكة و