ج ٨، ص : ٣٥٧
الى قوله خصمون إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) قرأ أهل المدينة والشام والكسائي « و خلف - أبو محمد » يصدّون بضم الصاد أى يعرضون عنه ويكون لازما ومتعديا أى يعرضون عنه ويمتنعون أو يمنعون الناس عنه والباقون بكسر الصاد وقيل معناه مثل معنى مضموم العين قال الكسائي هما لغتان مثل يعرشون بضم الراء وكسرها أى يصيحون كذا قال سعيد بن المسيب وقال الضحاك يتعجبون وقال قتادة يجزعون وقال القرطبي يضجرون - قال قتادة لمّا ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدّون يقولون ما يريد منا محمد الا ان نعبده ونتخذه الها كما عبدت النصارى عيسى.
وَقالُوا أَآلِهَتُنا قرأ الكوفيون « و روح أبو محمد » بتحقيق الهمزتين والف بعدهما والباقون بتسهيل الثانية وبعدهما الف ولم يدخل أحدهم الفا بين المحققة والمسهلة خَيْرٌ أَمْ هُوَ يعنون محمدا صلى اللّه عليه وسلم فنعبده ونطيعه ونترك الهتنا وقال ابن زيد والسدىّ أم هو يعنون عيسى عليه السلام قالوا يزعم محمد ان كل من عبد من دون اللّه فى النار نرضى ان يكون الهتنا مع عيسى وعزير والملائكة فى النار ما ضَرَبُوهُ هذا المثل لَكَ إِلَّا جَدَلًا أى للجدل والخصومة بالباطل لا للتميز بين الحق والباطل لانهم قد علموا ان محمدا صلى اللّه عليه وسلم لا يريد عبادة نفسه أو قد علموا ان قوله ما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم المراد منه الأصنام فان ما لغير ذوى العقول بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) شداد الخصومة حراص على اللجاج اعتادوا بالخصومة عن أبى امامة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه الا أوتوا الجدل ثم قرأ ما ضربوه لك الّا جدلا بل هم قوم خصمون - رواه البغوي وكذا روى أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم فى المستدرك -.
إِنْ هُوَ أى عيسى إِلَّا عَبْدٌ للّه ليس ابنه أَنْعَمْنا عَلَيْهِ بالنبوة والزلفى وَجَعَلْناهُ مَثَلًا أى امرا عجيبا كالمثل السائر واية وعبرة يعرفون به قدرة اللّه على ما يشاء حيث خلقه من غير اب لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ إلى آخره