ج ٨، ص : ٣٨٤
الثواب أو العقاب بالأعمال ترجعون إلى ربكم فيجازيكم عليها ان خيرا فخيرا وان شرا فشرا.
وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ التورية والإنجيل والزبور وَالْحُكْمَ حيث جعلنا فيهم أهل الحكم من العلماء والملوك وَالنُّبُوَّةَ خصها بالذكر لكثرة الأنبياء فيهم وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ المن والسلوى وغيرهما من الاطعمة اللذيذة الحلال وَفَضَّلْناهُمْ بمراتب القرب إلى اللّه تعالى إرجاع الضمير إلى بنى إسرائيل باعتبار كون الأفضلين بعضهم وهم الأنبياء عَلَى الْعالَمِينَ (١٦) أى على عالمى زمانهم قال ابن عباس لم يكن من العالمين أحد فى زمانهم أكرم على اللّه ولا أحب إليه منهم وهذه الآية تدل على ان خواص البشر أفضل من خواص الملائكة.
وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ أى ادلة بينة فى امر الدين بحيث حصل لهم العلم بكل ما يجب به العلم والاعتقاد وحصل لهم العلم بمبعث محمد صلى اللّه عليه وسلم وعلاماته حتى عرفوه كما يعرفون أبناءهم فَمَا اخْتَلَفُوا فى امر الدين أو فى امر محمد صلى اللّه عليه وسلم إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بحقيقة الحال بَغْياً بَيْنَهُمْ أى عداوة وحسدا واتباعا للهوى والشهوات لابناء على علم مستند إلى دليل وهذا يدل على ان افتراق اليهود والنصارى إلى احدى وسبعين فرقة أو اثنان وسبعين فرقة لم يكن مبنيّا على دليل وكذلك افتراق أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم إلى ثلاث وسبعين ليس مستندا إلى دليل بل انما هو باتباع الوهم فى مقابلة النصوص القاطعة كالمعتزلة تشبثوا بأذيال الفلاسفة زعما منهم بان العقل كاف فى كثير من الإدراكات والمجسمة قالوا الموجود لا يكون الا جسما أو باتباع الحسد والعناد كالروافض والخوارج ونحو ذلك إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بالمؤاخذة والمجازاة يوم الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) من امر الدين -.
ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ أى طريقة حقة وصراط مستقيم بعت عليها الرسل كلها - على شريعة مفعول ثان لجعلنا مِنَ الْأَمْرِ أى امر الدين