ج ٨، ص : ٣٨٨
يهلكنا الليل والنهار فانزل اللّه تعالى.
وَقالُوا عطف على مضمون الكلام السابق أى ضل الكافرون باتباع الهوى وقالوا ما هِيَ أى الحيوة شيئا إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا التي نحن فيها نَمُوتُ فى بعض الأوقات وَنَحْيا فى بعضها بيان لقصر الحيوة على الحيوة الدنيا وقوله نموت ونحيا لا يدل على تعاقب الحيوة بعد الموت فان الواو للجمع المطلق كذا قال الزجاج وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ عطف على نموت ونحيا أى ما يهلكنا الا مرور الزمان فان بمرور الزمان يهرم المرء ويموت وحاصل ذلك انكار الصانع الواجب وجوده والدهر فى الأصل مدة بقاء العالم من مبدا وجوده إلى انقضائه تم يعبر عنه عن كل مدة مديدة بخلاف الزمان فانه يطلق على المدة قليلة كانت أو كثيرة وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ فان العلم انما يحصل بالبداهة أو بالبرهان ولا شىء من ذلك بل البرهان قائم على وجود الصانع القديم الحكيم الجملة حال من فاعل قالوا إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٢٤) أى يحكمون بلا علم وبلا دليل تأكيد لما سبق عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا تسبوا الدهر فان اللّه هو الدهر - رواه مسلم وروى البغوي بلفظ قال اللّه تعالى لا تقل ابن آدم يا خيبة الدهر فانى انا الدهر أرسل الليل والنهار وان شئت قبضتها - ومعنى الحديث ان سب الدهر منكم مبنى على زعمكم ان الدهر فاعل النوائب والحوادث - وجالب الحوادث ومنزّلها فى الواقع هو اللّه تعالى لا غيره فسبّكم يرجع إلى اللّه تعالى وقيل معنى قوله عليه السلام فان اللّه هو الدهر ان اللّه داهر دهر أى خالق الدهر وما فيها فسبّكم الدهر زعما منكم بانه الخالق للاشياء مشرك فاجتنبوه واللّه اعلم -.
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ أى حال كونها واضحات الدلالة على خلاف معتقدهم وعلى البعث بعد الموت أو مبينات لذلك ما كانَ حُجَّتَهُمْ متشبثم لمعارضها شيئا إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) فى دعوى البعث وهذا شرط مستغن عن الجزاء بما مضى سماه حجة على حسبانهم أو على اسلوب قوله تحيتهم بينهم ضرب وجيع وانه يلزم من عدم حصول الشيء


الصفحة التالية
Icon