ج ٨، ص : ٤٠٥
أمنوا جميعا فاجتمع له اسلام أبويه وأولاده جميعا كذا قال ابن عباس وأدرك أبو قحافة صحبة النبي صلى اللّه عليه وسلم وابنه أبو بكر وابنه عبد الرحمان بن أبى بكر وابن عبد الرحمان أبو عتيق ولم يكن ذلك لاحد من الصحابة إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ عن الكفر وعن كل ما لا يرضاه اللّه أو يشغل عنه وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (١٥) المخلصين قوله حتّى إذا بلغ إلى آخره دليل على ان اللام فى الإنسان للعهد فانه لو كان للجنس لا يستقيم ذلك لأن تأخير النعمة القديمة إلى بلوغ أربعين سنة لا يجوز فالاية حكاية عن الواقع فانه رضى اللّه عنه أمن وهو ابن أربعين سنة والمعتبر من الشكر ما كان بعد الايمان - فان قيل المروي ان أباه أبا قحافة اسلم يوم الفتح وكان أبو بكر حينئذ ابن ستين سنة وكان نزول الآية قبل الهجرة لأن السورة مكية وحين بلغ أبو بكر أربعين سنة كان أبو قحافة كافرا فكيف يوصى اللّه بالإحسان به وكيف يقول أبو بكر أنعمت علىّ وعلى والدىّ قلنا قد روى ان أبا بكر اسلم وهو ابن ثمان وثلاثين سنة واسلم أبواه بعد ذلك بسنتين وكان أبو بكر حينئذ ابن أربعين سنة فلعل هذه الرواية هى الصحيحة وعلى تقدير نزول الآية بمكة واسلام أبى قحافة بعد الفتح قلنا الوصية بالإحسان للوالدين الكافرين أيضا جائزة قال اللّه تعالى فى سورة العنكبوت ووصّينا الإنسان بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما والمراد حينئذ بنعمتك أنعمت علىّ ما يعم نعمة الدين والدنيا واللّه اعلم قلت وعلى تقدير كون اللام للجنس يقال معنى الآية انه إذا بلغ الإنسان أشده يعنى بلغ مبلغ الرجال شكر الله تعالى على كمال جسده ثم إذا بلغ أربعين سنة شكر اللّه سبحانه على كمال عقله واللّه اعلم..
أُولئِكَ ان كان المراد بالإنسان الجنس فالاشارة إلى عامة الموصوفين بالصفات المتقدمة ظاهر وان كان المراد به أبو بكر أو سعد فالمشار إليه هو ومن كان مثله فى الصفات المذكورة فذكر حكم أبى بكر وسعد فى ضمن العموم على سبيل الكناية وهو ابلغ من الصريح فانه كدعوى الشيء مع بينة وبرهان الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا فان المباح حسن ولا يثاب عليها أو هى من قبيل اضافة الصفة إلى موصوفها يعنى


الصفحة التالية
Icon