ج ٨، ص : ٤٣٢
قال انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر اللّه فى اليوم مائة مرة - رواه مسلم واحمد وأبو داود والنسائي من حديث الأغر المزني قلت لعل غين القلب كناية عمّا يرى الصوفي فى نفسه من ظلمات الإمكان بعدها يسند كمالاته إلى جناب الرحمان قال المجدد للالف الثاني رضى اللّه عنه معرفة اللّه تعالى حرام على من لم ير نفسه شرّا من الكافر الفرنجى قيل عليه كيف يتصور ذلك مع ما يرى نفسه مؤمنا حقا لا اقل منه ويرى الكافر كافرا لا محالة ومعرفة فضل الايمان على الكفر من ضروريات الدين - أجاب عنه بان كل ممكن موجود فهو لا يخلو عن ظلمة الإمكان ونور الوجود المستعار من الرحمان فالعارف باللّه يرى فى نفسه غالبا جانب العدم والإمكان وما فيه من الوجود واتباعه من الكمالات يجده مستعارا من الملك المنان امتثالا لامره انّ اللّه يأمركم ان تؤدّوا الأمانات إلى أهلها ويرى فى من سواه غالبا جانب الوجود المستفاد من الرحمان فلا جرم يرى نفسه شرّا من كل من سواه وهذه المعرفة لا يزاحم معرفة فضل الايمان على الكفر باختلاف الالحاظ والحيثيات وسعة العلم والإدراكات بخلاف الغافل يرى وجوده وكمالاته مستندا إلى نفسه وينادى انا خير منه ولا حول ولا قوة الا باللّه وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أى استغفر لذنوبهم بالدعاء لهم والتحريض على ما يستدعى لغفرانهم وفى إعادة الجار وحذف المضاف اشعار لفرط احتياجهم وكثرة ذنوبهم وانها جنس اخر قال البغوي هذا إكرام من اللّه تعالى لهذه الامة حيث امر نبيهم صلى اللّه عليه وسلم ان يستغفر لذنوبهم وهو الشفيع المجاب فيهم وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (١٩) قال ابن عباس متقلّبكم مصرفكم ومنتشركم فى أعمالكم فى الدنيا ومثويكم مصيركم فى الاخرة إلى الجنة أو النار وقال مقاتل وابن جرير منصرفكم لاشتغالكم بالنهار ومثويكم ماويكم إلى مضاجعكم بالليل وقال عكرمة متقلّبكم من أصلاب
الآباء إلى أرحام الأمهات ومثويكم مقامكم فى الأرض وقال ابن كيسان متقلّبكم من ظهر إلى بطن ومثويكم مقامكم فى القبور والمع نى انه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شىء منها فاحذروه والخطاب للمؤمنين وغيرهم.
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا حرصا منهم على الجهاد لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ تأمرنا