ج ٨، ص : ٤٤٥
فَلا تَهِنُوا أى لا تضعفوا عن الجهاد وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ قرأ أبو بكر وحمزة بكسر السين والباقون بفتحها وتدعوا مجزوم بتقدير لا أى لا تدعوا الكفار إلى الصلح ابتداء أو منصوب بتقدير ان فى جواب لا تهنوا نهى اللّه سبحانه عن طلب الصلح ابتداء لأنه دليل الجبن والضعف وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ أى الغالبون القاهرون بنصر اللّه تعالى الموعود للمؤمنين الصالحين حال من فاعل تدعوا وَاللَّهُ مَعَكُمْ معية بلا كيف فان الايمان يقتضى حب اللّه والمرء مع من أحب والواو للعطف فهو حال من فاعل تدعوا أو للحال من فاعل اعلون وكذا قوله وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥) أى لن ينقصكم شيئا من ثواب أعمالكم من وتره ينزه إذا نقص حقه قال ابن عباس ومقاتل وقتادة والضحاك لن يظلمكم أعمالكم الصالحة أى لا يبطلها -.
إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ أى باطل لا يترتب عليها فائدة معتدة بها ما لم يكن فيها ذكر اللّه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الدنيا ملعونة وملعون ما فيها الا ذكر اللّه وَلَهْوٌ يشغلكم عمّا يفيدكم فى الحيوة الدائمة وَإِنْ تُؤْمِنُوا باللّه ورسوله فى الدنيا وَتَتَّقُوا عذاب اللّه بامتثال أو امره والانتهاء عن مناهيه يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ أى ثواب ايمانكم وتقواكم فى الاخرة فحينئذ تكون حياتكم الدنيا مزرعة الاخرة ولا يكون لعبا ولهوا وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) فانه غير محتاج إلى شىء انما يأمركم بالطاعة والايمان ليثيبكم عليها الجنة نظيره قوله تعالى ما أريد منهم من رّزق وقيل معناه لا يسئلكم اللّه ورسوله أموالكم كلها فى الصدقات انما يسئلكم جزءا يسيرا وهو ربع العشر أو اقل كشاة من مائة وعشرين شاة من نماء مال فطيبوا بها نفسا والى هذا القول ذهب ابن عيينة ويدل عليه سياق الآية فهذه الجملة لدفع توهم نشا ممّا ذكر من ذم الحيوة الدنيا ومدح الايمان والتقوى فانه يوهم ان اللّه تعالى يأمر بصرف