ج ٩، ص : ١٧
الصلح والرجوع دخل الناس من ذلك عظيم حتى كادوا يهلكون فزادهم امر أبى جندل ونفذت القضية شهد على الصلح رجال من المسلمين ورجال من المشركين وأبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وعبد اللّه بن سهيل بن عمرو وسعد بن أبى وقاص ومحمود بن سلمة وعلى بن أبى طالب كرم اللّه وجهه ومكرز بن حفص وهو مشرك فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قوموا فانحروا ثم احلقوه فو اللّه ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلث مرات فاشتد ذلك عليه فدخل على أم سلمة فقال هلك المسلمون امرتهم ان ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا فقالت يا رسول اللّه لا تلمهم فانهم قد دخلهم امر عظيم مما ادخلت على نفسك من المشقة فى امر الصلح ورجوعهم بغير فتح يا نبى اللّه أخرج ولا تكلم أحدا كلمة حتى تنجر بدنك وتدعوا بحالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا حتى نحو بدنه رافعا صوته بسم اللّه اللّه اكبر ودعا حالقه فحلقه فلما راوا ذلك قاموا فنحروا فجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا قال ابن عمر وابن عباس حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يرحم اللّه المحلقين قالوا والمقصرين قال يرحم اللّه المحلقين قالوا يا رسول اللّه والمقصرين قال والمقصرون قالوا يا رسول اللّه ما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم قال لانهم لم يشكوا قال ابن عمرو ذلك انه تربص قوم وقالوا لعلنا نطوف بالبيت واقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحديبية تسعة عشر يوما ويقال عشرين ليلة ذكره محمد بن عمرو فى ايام المقام بالحديبية قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لكعب بن عجرة لارى الهوام تتساقط على وجهه وهم محصورون قبل الصلح ا يؤذيك هوام راسك قال نعم وامره بالحلق والفدية من صيام أو صدقة أو نسك ونزل حينئذ قوله تعالى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
الاية من سورة البقرة وقد ذكر هناك مسائل للاحصار والحلق بعذر وما يتعلق به روى مسلم عن سلمة بن الأكوع والبيهقي عن ابن عباس والبزاز والطبراني والبيهقي عن أبى حبيش ومحمد بن عمرو عن شيوخه انه لما انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الحديبية نزل بمر الظهران ثم نزل بعسفان فارملوا من الزاد فشكى الناس الجوع وقالوا ننحر يا رسول اللّه الحمر فاذن لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال عمر يا رسول اللّه لا تفعل فان يكن فى الناس بقية ظهر كان أمثل كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غدا جياعا رجالا لكن ان رايت تدعو الناس ببقايا أزوادهم ثم تدعوا فيها بالبركة فان اللّه سيبلغنا بدعوتك فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ببقايا أزوادهم وبسط نطعا وكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر فاجتمع زاد القوم على النطع قال مسلمة فتطاولت لاحرزكم محرزته كر نفسه عزة ونحن اربعة عشر مائة فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدعا بما شاء اللّه تعالى ان يدعوا