ج ٩، ص : ٢٠
عايد إلى اللّه أَجْراً عَظِيماً يعنى الجنة ورضوان اللّه تعالى ورويته.
سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ ابن عباس ومجاهد يعنى الاعراب بنى غفار ومزينه وجهنية والنخع واسلم وهم الذين أبطئوا من الخروج مع النبي صلى اللّه عليه وسلم حين استنفرهم إذا أراد المسير إلى مكة عام الحديبية خوفا من قتال قريش زعما منهم قلة عدد المسلمين وضعفهم فى عقيدتهم كما مر فى القضية رجع النبي صلى اللّه عليه وسلم سالما اعتذروا من التخلف وو قالوا شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا يعنى لم يكن لنا من يقوم باشغالهم فَاسْتَغْفِرْ لَنا اللّه تعالى على التخلف فيه معجزة فان اللّه تعالى أخبر نبيه ـ ﷺ ـ بما يقول له المخلفون بعد ذلك ثم كذبهم اللّه فى اعتذارهم فقال يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ من الاعتذار والاستغفار يعنى انهم لا يبالون استغفر لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم أو لم يستغفر الجملة بدل من قوله تعالى سيقول إلخ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً يعنى لاحد يمنعكم من مشية اللّه تعالى وقضائه فيكم إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا قرأ حمزة والكسائي بضم الضاد والباقون بالفتح يعنى ما يضركم كقتل أو هزيمة أو هلاك فى المال أو الأهل أو عذاب فى الاخرة على تخلفكم أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً أى ضد ذلك به تعرض بالرد بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً يعنى ليس الأمر كما قلتم فى الاعتذار بل اللّه يعلم ان قصدكم فى التخلف انما هو اظهار الموافقة لاهل مكة خوفا منهم.
بَلْ ظَنَنْتُمْ أيها المخلفون أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً يعنى يستاصلهم مشركو مكة فلا يرجعون إضراب ثان عطف على مضمون الاضراب الأول يعنى بل أظهرتم موافقه أهل مكة بل ظننتم ان لن ينقلبوا وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ زينه الشيطان بخلق اللّه تعالى وَظَنَنْتُمْ ان محمدا وأصحابه أكلة راس فلا يرجعون أو غير ذلك مما يظنون باللّه ورسوله ـ ﷺ ـ من الأمور الباطلة ظَنَّ السَّوْءِ منصوب على المصدرية وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً هلكى عند اللّه لفساد عقيدتكم وسوء ظنكم باللّه ورسوله.
وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فيه تعريض إلى انهم غير مؤمنين باللّه ورسوله فان الايمان ينافى تلك الظنون والتخلف عن الرسول ـ ﷺ ـ وجزاء الشرط محذوف وما بعده تعليل أقيم مقامه أى لا يضرنا - فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً وضع المظهر موضع المضمر إيذانا بان من لم يجمع بين الايمان باللّه ورسوله فهو كافر مستوجب للسعير بكفره وتنكير سعير للتهويل -.
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ لا يجب عليه شىء وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً يعنى ان الغفران والرحمة صفات ذاتية له تعالى والتعذيب داخل