ج ٩، ص : ٢٢
لا يعلمون من اللّه تعالى ما لهم وما عليهم فى الدين إِلَّا قَلِيلًا يعنى الا تفقها قليلا من امور الدنيا وقال البغوي معناه الا قليل منهم وهو من صدق اللّه ورسوله قلت وعلى هذا كان المختار عند النحويين الرفع على البدلية لأن الكلام غير موجب.
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ كرر ذكرهم بهذا الاسم مبالغة فى الذم واشعار بكمال شناعة التخلف سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ قال كعب هم الروم يعنى فى غزوة تبوك قلت وهذا القول يابى عنه توصيف قوم بقوله يقاتلونهم أو يسلمون فان غزوة تبوك مال امره إلى القتال فان النبي ـ ﷺ ـ سار إلى تبوك واقام هناك بضعة عشر يوما فلم يتحرك هرقل إلى مقابلته ولم يبعث إليه جيشا رجع النبي ـ ﷺ ـ من غير قتال وقال سعيد بن جبير وقتادة هوازن وثقيف وغطفان يوم حنين قلت ولم يصح ان النبي ـ ﷺ ـ دعا الاعراب يوم حنين وأيضا يكونوا اولى بأس شديد بالنسبة إلى عسكر الإسلام بل كانوا قليلا فى مقابلة جم غفير وقال الزهري ومقاتل وجماعة هم بنو حنيفة أهل اليمامة واصحاب مسيلمة الكذاب قال رافع بن خديج كنا نقرا هذه الآية ولا نعلم من هم حتى دعى أبو بكر الصديق رض إلى قتال بنى حنيفة فعلمنا انهم هم وهذا قول اكثر المفسرين ورحجه البيضاوي بقرينة قوله تعالى تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ يعنى بكون أحد الامرين اما المقاتلة أو الإسلام لا غير كما يدل عليه قراءة أو يسلموا فان أو حينئذ بمعنى إلى ان ولا شك ان مشركى العرب والمرتدين هم الذين لا يقبل منهم الا الإسلام أو السيف وقتال غيرهم كاهل الروم ينتهى بالجزية فالاية دليل على امامة أبى بكر فانه دعى الناس لقتال أهل الردة وقال ابن عباس وعطاء ومجاهد وابن جريح هم أهل الفارس فانهم كانوا أشد بامن من غيرهم دعا الناس عمر بن الخطاب إلى قتالهم فالاية دليل على خلافة عمر المبنية على خلافة أبى بكر ومعنى يسلمون حينئذ ينقادون لاعطاء الجزية والجملتين المتعاطفتين بدل اشتمال من ستدعون فَإِنْ تُطِيعُوا لداعى يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً يعنى الجنة وَإِنْ تَتَوَلَّوْا توليا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ ذلك عام الحديبية يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً
لتضاعف جرمكم قال البغوي فلما نزلت هذه الآية قال أهل الزمانة كيف بنا يا رسول اللّه فانزل اللّه تعالى.
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ ضيق وشدة وعذاب فى ترك الجهاد وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فى الجهاد وغير ذلك يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ أى يعرض عن الطاعة بعد القدرة يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً قرأ نافع وابن عامر ندخله ونعذبه بالنون على المتكلم والباقون بالياء على الغيبة والضمير راجع إلى اللّه


الصفحة التالية
Icon