ج ٩، ص : ٤٩
اللّه تعالى تلك الآية ولعل هذه القصة بعينه هى السابقة - وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وكذا ذكر البغوي عن السدى قال كان رجل من الأنصار يقال له عمران تحته امرأة يقال لها أم زيد وان المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها فى علية له وان المرأة بعثت إلى أهلها فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها وكان الرجل قد خرج فاستعان اهله فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فنزلت فيهم فبعث إليهم رسول اللّه ـ ﷺ ـ فاصلح بينهم وفاؤا إلى امر اللّه وأخرج ابن جرير وذكر البغوي عن قتادة قال ذكر لنا ان هذه الآية نزلت فى رجلين من الأنصار وكانت بينهما مداراة فى حق بينهما فقال أحدهما لاخر لاخذن عنوة لكثرة عشيرته أو الاخر دعاه للتحاكم إلى النبي ـ ﷺ ـ فابى فلم يزل الأمر حتى تدافعوا وحتى تناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ولم يكن قتال بالسيوف - وأخرج ابن جرير عن الحسن قال كانت الخصومة بين الحيين فيدعوهم إلى الحكم فيابون ان يجيبوا فانزل اللّه تلك الآية ولعل هذه القصة ما ذكر قتادة روى البغوي وغيره عن سالم عن أبيه ان رسول اللّه ـ ﷺ ـ قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه ومن كان فى حاجة أخيه كان اللّه فى حاجة ومن فرج عن مسلم كربة فرج اللّه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستر اللّه يوم القيامة وروى مسلم عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذ له ولا يحقره التقوى هاهنا وأشار إلى صدره ثلث مرار يحسب امرا عن الشر ان يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وفى الآيتين دليل على ان البغي لا يزيل اسم الايمان قال البغوي ويدل عليه ما روى عن الحارث الأعور أن على بن أبى طالب رض سئل عن الحمل والصفين أمشركون هم فقال لا من الشرك فروا فقيل منافقين هم فقال لا ان المنافقين لا يذكرون اللّه الا قليلا
فما حالهم قال إخواننا بغوا علينا - (مسئلة) إذا اجتمعت طائفة لهم قوة ومنعة وخرجوا عن إطاعة الامام دعاهم إلى العود وكشف شبهتهم فان ابد واما يجوز لهم القتال كان ظلمهم الامام أو ظلم غيرهم ظلما لا شبهة فيه يجب على الناس ان يعينوهم حتى ينصفهم الامام ويرجع عن جوره كذا قال ابن الهمام وان لم يبدوا ذلك وتحيزوا للقتال مجتمعين حل لنا قتالهم بدا وقال الشافعي لا يجوز قتالهم حتى ابتدأ وبالقتال وهو قول مالك واحمد واكثر أهل العلم لأن قتل المسلم لا يجوز الا دفعا وهم مسلمون قال اللّه تعالى فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا قلنا البغي فى اللغة الطلب قال اللّه تعالى ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ - والمراد هاهنا طلب ما يخل من الجور والظلم والإباء عن قبول احكام الشرع


الصفحة التالية
Icon