ج ٩، ص : ٧٥
فكيف يغفل أهل مكة ويلههم الأمل وجاز ان يكون نقبوا معطوفا على أهلكنا والضمير عايد إلى أهل مكة والمعنى انهم ساروا فى بلاد القرون الخالية فتشوا اخبارهم ورأوا اثارهم فهل محيصا حتى يتوقعوا مثلهم.
إِنَّ فِي ذلِكَ السورة وان كان ضمير نقبوا راجعا إلى أهل مكة فيجوز ان يكون المشار إليه مصدر نقبوا يعنى فى سيرهم فى البلاد لَذِكْرى تذكرة وعظة لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أى قلب صاف عن الكدورات صالح لتجليات الصفات له لعينه غير متكفية بالذات مشتغل باللّه فارغ عن غيره مصدق لحديث قدسى لا يسعنى ارضى ولا سمائى ولكن يسعنى قلب عبدى المؤمن ولا يكون القلب هكذا الا بعد الفناء المصطلح للصوفية وقال ابن عباس معناه كان له عقل تسمية الحال باسم المحل وقيل المراد قلب داع يتفكر فى حقائق الأمور وكان ان كان ناقصة بمعناه أو بمعنى صار فقلب اسمه وله خبر وان كان تامة فقلب فاعله وله حال من الفاعل والجار والمجرور اعنى لمن كان إلخ متعلق بذكرى أو بالظرف المستقر اعنى فى ذلك أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ عطف على صلة من وَهُوَ شَهِيدٌ قال من فاعل القى يعنى ان السورة موعظة لمن كان له قلب سليم أو استمع القرآن وهو شهيد حاضر قلبه ولو بتكلف لا بتغافل أو شاهد يصدقه فيتعظ بظواهره وينزجر بزواجره قلت فالاول بيان الكاملين والثاني بيان المريدين المخلصين نظيره قوله عليه الصلاة والسلام الإحسان ان تعبد ربك كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك يعنى - يتصور الحضور بتكلف أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس ان اليهود أتت رسول اللّه ـ ﷺ ـ فسالت عن خلق السموات والأرض فقال خلق اللّه الأرض يوم الأحد والبحار يوم الاثنين وخلق الجبال يوم الثلثاء وما فى هن من المنافع وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمداين والعمران والخراب وخلق اللّه يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة إلى ثلث ساعات بقين منه فخلق فى أول ساعة الآجال حين يموت من مات وفى الثانية التي الآفة على كل شىء ينتفع به الناس وفى الثالثة آدم واسكنه الجنة وامر إبليس بالسجود له وأخرجه منها فى اخر الساعة قالت اليهود ثم ماذا يا محمد
قال ثم استوى على العرش قالوا قد أصبت لو أتممت قالوا ثم استراح فغضب النبي ـ ﷺ ـ غضبا شديدا فنزلت.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ من تعب واعيا. -.
فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ أى اليهود ان اللّه تعالى أعيى فاستراح أو المشركون فى امر البعث فانه من قدر على خلق العالم فهو قادر على بعثهم والانتقام منهم وروى مسلم عن أبى هريرة من غير ذكر اليهود