ج ٩، ص : ١٠٤
وبهويه دفنه فى القبر فلا شك ان دفن المسلم مع إيمانه سالما عن تسويلات النفس والشيطان غانما بنعمة الايمان والأعمال الصالحة وقت كماله وزوال حظر زواله واللّه تعالى أعلم وجواب القسم.
ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ محمد ـ ﷺ ـ عن طريق الهدى وَما غَوى ج فى اتباع طريق الباطل قيل الضلال ضد الهداية والغى ضد الرشد يعنى هو مهتد راشد وليس كما تزعمون يا معشر قريش وتنسبونه إلى الضلال والغى.
وَما يَنْطِقُ بالقران ولا بغيره عطف على ما ضل عَنِ الْهَوى ط صفة لمصدر محذوف يعنى نطقا ناشيئا عن الهوى يعنى لم يتقول القرآن من تلقاء نفسه كما يتقول الشعراء وكذا كل ما يتكلم ليس منشاؤه الهوى النفسانية بل مستند إلى الوحى جلى أو خفى وان كان باجتهاد مامور من اللّه تعالى مقرر من اللّه عليه فهو ليس عن الهوى البتة.
إِنْ هُوَ الضمير راجع إلى القرآن المعهود فى الدهن والمدلول فيما سبق من الكلام إِلَّا وَحْيٌ يُوحى فليس فى هذه الآية ما يدل على انه ـ ﷺ ـ ما كان يتكلم بالاجتهاد والجملة تعليل بقوله ما ينطق.
عَلَّمَهُ يعنى محمدا ـ ﷺ ـ الضمير المنصوب مفعول أول لعلم والقران أو ما يوحى إليه عليه السلام مطلقا من حيث انه اسم لكلام تام قايم مقام مفعولية الثاني والثالث وفاعله شَدِيدُ الْقُوى جمع قوة والمراد به اللّه سبحانه القوى المتين.
ذُو مِرَّةٍ المرة القوة الشدة والاصالة والاحكام كذا فى القاموس واللّه سبحانه شديد البطش يحكم اصل كل شىء وجملة علمه مع ما عطف عليه حال من الضمير المستكن فى يوحى أو صفة بعد صفة فَاسْتَوى عطف على علمه والاستواء من المتشابهات قال السلف فى قوله تعالى الرحمن على العرش استوى ان الاستواء معلوم بلا كيف وقال سهيل بن عبد اللّه التستري لا يجوز لمومن ان يقول كيف الاستواء لمن خلق الاستواء ولنا عليه الرضا والتسليم وقال مالك بن أنس الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والسؤال عنه بدعة وحاصل الآية انه كان للّه تعالى إذا علم محمدا ـ ﷺ ـ نسبته به عليه السلام مجهول الكيفية كنسبته مع العرش المجيد والكعبة الحسناء وقد تظهر تلك النسبة للصوفية الكرام وتظهر على وجه أكمل منه يوم يرونه كما يرون القمر ليلة البدر.
وَهُوَ يعنى محمدا ـ ﷺ ـ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى يعنى كان محمد ـ ﷺ ـ إذا يوحى إليه فى كمال رفعة استعداده وعلو مرتبته والأفق الناحية على منتهى دايرة الإمكان حيث يكون وراء ذلك دايرة الوجوب التي لا يتصور هناك للسالك سير قدمى والجملة حال من الضمير المنصوب فى علمه.
ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى