ج ٩، ص : ١١٩
غير إرادته تعالى.
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ كاين فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً من الغناء ولا ينفع فى حين من الأحيان إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ فى الشفاعة لِمَنْ يَشاءُ من الملائكة ان يشفع أو من الناس ان يشفع له وَيَرْضى بشفاعة له مع كونهم عباد اللّه المكرمين المقربين فكيف يرجون هؤلاء شفاعة الأصنام والآية رد لقولهم هؤلاء شفعاءنا عند اللّه وقال البغوي معناه كم من ملك فى السموات ممن يعبدهم هؤلاء الكفار ويرجون شفاعتهم عند اللّه يعنى شفاعتهم.
إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يعنى كفار مكة والتعبير بالموصول لبيان جهلهم لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ أى كل واحد منهم تَسْمِيَةَ الْأُنْثى حيث يقولون انها بنات اللّه لما كان هذا القول فى غاية الاستبعاد وجريا بالإنكار أورد الكلام بالاستيناف والتأكيد بان واللام جريا للسامع مجرى المنكر.
وَما لَهُمْ بِهِ أى بهذا القول مِنْ عِلْمٍ ط الجملة حال من فاعل يسمون إِنْ يَتَّبِعُونَ أى لهؤلاء الكفار الجهال إِلَّا الظَّنَّ ج الحاصل بالتقليد أو التوهم الباطل من غير دليل وهذه الجملة بيان وتأكيد لقوله ومالهم به من علم وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً ج اما منصوب على المصدرية ومن الحق ظرف لغو متعلق بلا يغنى واما منصوب على المفعولية ومن الحق حال منه والمراد بالحق العلم لأنه عبارة عن الاعتقاد الجازم الثابت المطابق للواقع والواقع هو الحق والمعنى ان الظن لا يغنى من العلم شيئا من الغناء أو لا يفيد شيئا من العلم يعنى لا يقوم الظن الحاصل بالتقليد ونحوه مقام العلم الحاصل بدليل قطعى سمعى أو عقلى فلا يجوز للعاقل اتباع الظن بل يجب طلب اليقين والجملة معترضة لتقبيح الكفار فى اتباع الظن ولما كان صلابتهم فى اتباع الظن والتقليد امارة انكارهم لهذه الجملة أورد هذه الجملة بالتاكيد فان قيل جاز فى الشرع اتباع الظن فى العمليات وغالبا مسائل الفقه مستنبطة من الادلة الظنية وأيضا ثبت بأحاديث الآحاد ونحو ذلك كثير من القصص الماضية وتفاصيل نعم الجنة وعذاب جهنم وتفاصيل اخبار يوم المعاد فلو كان الظن لا يفيد شيئا من العلم لكان تعليمها عبثا ولا يجوز القول به ا ولا العمل بالفقه والاعتقاد بها - قلنا معنى هذه الآية انه لا يجوز اتباع الظن فيما يعارضه العلم الحاصل بدليل قطعى وان الظن لا يفيد فائدة العلم إذ لا شك ان الأضعف لا يصادم الا قوى فمقتضى هذه الآية ان العقائد الحقة الثابتة بالادلة القطعية العقلية أو الآيات المحكمات والاخبار المتواترات السمعية لا يجوز تركها باتباع الظن